رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نقل المعلمين وتخفيف السيطرة المركزية

رغم كثرة الانتقادات التي تواجهها وزارة التربية والتعليم إلا أن الإنصاف يقتضي ذكر ما أنجزته الوزارة خلال العامين الماضيين في إعادة هيكلة أقسامها وإداراتها التعليمية، وضخ المزيد من الصلاحيات في الميدان التربوي، وهو يعكس رغبة جادة لدى الوزارة في تفكيك التضخم المركزي الذي عانته الوزارة كثيرا وأسهم في بطء الأداء، واحتكار الصلاحيات، وإيجاد متنفذين وهميين أضروا كثيرا باستراتيجيات الوزارة خلال سنوات سابقة.
ولعلي هنا ألفت نظر وزير التربية والتعليم ونوابه الكرام إلى دراسة نشرت أخيرا تقول إن اهتمام الوزارة الفعلي بالأداء التربوي، الذي هو صميم عمل الوزارة، لايتجاوز15 في المائة، والنسبة المتبقية 85 في المائة من أداء الوزارة كانت لمتابعة ثلاثة أمور انشغلت بها، وهي خطط التوظيف، والمباني المدرسية، وحركة نقل المعلمين والمعلمات.
وهذه حقيقة واضحة، فالمدارس وإدارات التعليم ومكاتب التربية تستنزف جزءا من أدائها في متابعة هذه القضايا وإنجازاها دون التركيز على ما هو أهم وهو الأداء التربوي.
وأظن الوزارة عازمة على الحد من هذا الاستنزاف الهامشي لمواردها، فقد قرأت أن موضوع المباني المدرسية سسيسند إلى شركة متخصصة، وموضوع التوظيف أصبحت وزارة الخدمة المدنية تتولى معظم تفاصيله، ويبقى الأمر الأخير، الذي سبب صداعا كبيرا للوزارة، وهو حركة نقل المعلمين والمعلمات، التي امتدت آثارها إلى خارج الوزارة في سلسلة من التبعات الاجتماعية التي لا تخفى على أحد.
وأتمنى من وزير التربية، مثلما منح الكثير من الصلاحيات لمصلحة الإدارات التعليمية التي أسهمت في تفكيك المركزية، أن يبادر إلى تطبيق الأمر نفسه مع حركة نقل المعلمين والمعلمات، وسيتضح للوزير أن الوزارة نفسها من حيث تعلم أو لا تعلم أسهمت في صنع قضية من لا قضية.
فالوزارة تقضي معظم أيام الفصل الدراسي الأول في جمع واستقبال بيانات المعلمين والمعلمات الراغبين في النقل، سواء عبر التعاميم والاستمارات أو عبر النظام الإلكتروني للوزارة، وبداية الفصل الثاني يستغرق جهاز الوزارة وقتا ليس بالسهل في تدقيقها وفرزها ومن ثم إعلان الحركة.
وبلغ عدد المتقدمين لحركة النقل العام الماضي 56153 معلما. ومعلمة، وهو رقم كبير جدا.
تمت تلبية رغبات 19385 فقط بنسبة 35 في المائة من المجموع الكلي للمتقدمين. ولولا سلطة الوزارة المركزية لما وصل الرقم إلى هذا العدد ولأمكن تخفيف 80 في المائة من المتقدمين وربما حل مشاكلهم تماما وربما لا يتجاوز عدد المتقدمين 15 ألف معلم ومعلمة لو امتلكت الوزارة الشجاعة وتخلت عن احتكار صلاحياتها في كل مناطق النقل من مدن وقرى وهجر.
وعلى سبيل المثال لا تبعد الخبر عن الدمام إلا 20 كيلو مترا ومع ذلك لا يستطيع معلم أو معلمة الانتقال إليها إلا عن طريق الوزارة! والأمر ينطبق على مناطق متقاربة جدا في مدن أخرى مثل ''جدة - خليص'' أو ''الرياض - القويعية'' مكة، الجموم، الطائف، بني سعد، كان بالإمكان النقل إليها عبر إدارات التعليم، لكن مركزية الوزارة ألغت دور إدارات التعليم وأضافت مزيدا من الأعباء وضخمت أعداد المتقدمين للنقل، وبالتالي قلت الفرص أمام المتقدمين وزادت سنوات الانتظار.
وكان الأولى بالوزارة أن تكتفي بمتابعة طلبات النقل بين المناطق الكبيرة لإداراتها التعليمية، وتترك تفاصيل التوزيع لإدارات التعليم ومكاتب التربية ولا تشغل نفسها بأكثر من ذلك.
وتستطيع الوزارة أن تحل المشكلة من الجذور من خلال التعيين في المناطق الرئيسة وليس هذا الحذف العشوائي، فأنا شخصيا أعرف عشرات الخريجين والخريجات الذين تم تعيينهم من المنطقة الغربية إلى المنطقة الشرقية والعكس أيضا وفي التخصصات نفسها، ما يعني أن الأمر يخضع للعشوائية أكثر منه إلى الاحتياج، وهو ما يحمِّل الوزارة أعباء النقل وإعادتهم إلى أعمالهم مرة أخرى.
أما من يرى استمرار تمسك الوزارة بصلاحيتها المركزية وعدم ترك التفاصيل لإدارات التعليم الرئيسة بحجة الخوف من المحسوبيات، فالأنظمة الإلكترونية الآن حققت الكثير من الوضوح والشفافية للمتقدمين، ولا يعني الأمر تخلي الوزارة عن دورها في المتابعة ليضمن كل ذي حق حقه.
أتمنى فعلا وقد نجحت الهيكلة الجديدة بما فيها من صلاحيات مطلقة أن تسهم في الحلول العالقة لمشاكل المعلمين والمعلمات فهم في حاجة إلى الاستقرار الأسري والاجتماعي ليكون أداؤهم أفضل .. هل تسمعهم أيها الوزير؟.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي