رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


البطاقات البلاستيكية الحمل الثقيل

في ذات يوم دار بيني وبين الأستاذ خالد العيسى أحد موظفي البنك العربي الوطني حوار بشأن كثرة البطاقات التي أصبح الفرد يحملها في محفظته كبطاقات الهوية الوطنية، وبطاقات البنوك الائتمانية أو الصراف، وبطاقات المستشفيات، وبطاقات التأمين، والرخصة، والاستمارة، أما بطاقات التعارف فأصبحت تملأ الجيوب فكل فرد تقابله يزودك ببطاقته الشخصية، وهذه سمة من سمات العصر الراهن.
النقاش بيننا مبعثه عبارة تذمر أطلقتها لكثرة هذه البطاقات وتزاحمها في المحفظة، وأنها متعددة بتعدد الأنشطة والمجالات، وقد اتسع النقاش للإشارة إلى أن البطاقات البنكية بأنواعها المختلفة كالبطاقات الائتمانية وبطاقات الصراف حلت محل النقود، ولم يعد الفرد يحمل معه نقوداً سواء في الحل أو الترحال إلا القليل، ولم تعد هناك حاجة لحمل ربطات النقود، أو الشيكات السياحية كما كان يحدث في الماضي، حيث كانت من مستلزمات السفر التي يحضرها المسافر ويستعد بها قبل فترة من السفر.
هذا النقاش مع الأستاذ خالد قادني للاستشهاد برأي لأحد أساتذة الاقتصاد في جامعة الإمام، إذ في ندوة منزلية منذ فترة طويلة تقارب العشرين سنة استشرف إمكانية الاستغناء عن النقود بل وفنائها، وأن ثروة الفرد ورصيده المالي ستكون على شكل أرقام يصرف منها باستخدام البطاقات البلاستيكية، وهذا ما حدث بالفعل؛ إذ إن معظم التعاملات في البيع والشراء والتحويلات تتم من خلال هذه البطاقات أو التعاملات الإلكترونية، وبدأت تنحسر دائرة التعامل النقدي وتنحصر في أماكن معينة، ومع أفراد لم يهيئوا أنفسهم لهذه المرحلة كالبقالات والمحال الصغيرة التي لم توفر الأجهزة الخاصة بمثل هذه الخدمات، لكن حركة التاريخ وإيقاعات الزمن الحاضر لن تمكنهم من الاستمرار في هذا الوضع. ولعل أبرز ما طرأ على الساحة العالمية السوق الإلكترونية، حيث يتبضع المرء ويشتري ما يريد من خلال التعامل الإلكتروني ومن أي مكان في العالم بعد أم قرب وهو في منزله أو محل إقامته.
توسع أنشطة مجالات الحياة سيزيد من عدد البطاقات في محفظة كل واحد منا، وما من شك أن زيادتها سيشكل حملاً ثقيلاً ومربكاً يحمله الفرد أينما ذهب، ولذا أثناء النقاش جاء التساؤل: ألا يمكن التخلص من هذا العبء؟!
الأستاذ خالد تساءل: لماذا لا تتحول هذه البطاقات إلى بطاقة واحدة تشمل كل المجالات؟ وقد أردف بالقول ألا من مخترع يقوم باختراع بطاقة شاملة ويحوز براءة اختراع؟! التصور الذي أراه أن بطاقة الهوية الوطنية هي أساس البطاقة الشاملة، وتكون مشتملة على حقول ومجالات عدة بحيث باستخدام بطاقة الهوية الوطنية يمكن الدخول على التاريخ الدراسي، والوظيفي، وتكون بمثابة بطاقة صراف آلي، وبطاقة ائتمانية، وبطاقة مستشفى وغيرها مما يمكن تصوره من خدمات، وبذا نكون تخلصنا من هذا الكم الهائل من البطاقات البلاستيكية. ما من شك أن البطاقة الشاملة قد تكون لها مشكلات في بدايتها سواء فنية أو إدارية، لكن مع التطبيق والتجريب يمكن تجاوز هذه المشكلات وتخطيها.
من المشكلات المحتملة المحافظة على الخصوصية؛ إذ بوجود بطاقة واحدة شاملة تتيح لموظف في المستشفى- على سبيل المثال- الاطلاع على معلومات لا تخصه كالمعلومات البنكية، ولتحقيق الخصوصية لا بد أن يكون التحكم لصاحب البطاقة ذاتها، فمثلا لو راجع المرور لا تفتح إلا الصفحة الخاصة بالمرور، وذلك بإدخال رقم خاص بذلك، وهكذا عند مراجعة المستشفى، أو غيره، قد تكون هذه الفكرة متحققة في مجتمعات أخرى، لكن المؤكد أنها غير موجودة لدينا، ولذا فإن متخصصي الحاسب الآلي قد يكونون هم الأقدر والمؤهلون للعمل على هذه الفكرة، لعلنا نقدم فكرة خلاقة ننفع بها أنفسنا وننفع بها الآخرين. أنا على يقين أن التطور التقني المتسارع سيترتب عليه مثل هذا الإنجاز ولن يكون بعيداً، ذلك أن الصرافات الآلية التي بدأت في السبعينيات من القرن الماضي في الولايات المتحدة الأمريكية كانت مذهلة في بدايتها، لكن مع الوقت تطورت وأصبحت تقدم خدمات أخرى غير السحب، إذ أضيفت لها خدمة الإيداع، إضافة إلى الدفع ببطاقة الصراف في نقاط البيع في أي مكان في العالم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي