رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


هل نتمكن من استثمار تصحيح وضع العمالة؟

على غفلة منا، ولافتقاد الأنظمة الواضحة والدقيقة بشأن العمالة، إضافة إلى جشع البعض وعدم شعورهم بالمسؤولية إزاء وطنهم، ازدحمت بلادنا بالعمالة الوافدة التي تزيد على حاجة التنمية، وجزء كبير من العمالة الوافدة لا تجيد أي مهارة تميزها، بل إن بعضهم وجد بلدنا ورشة عمل مفتوحة يتدرب فيها كيف شاء، وفي أي مجال، حتى أن بعضهم أصبح يجيد الكثير من المهارات التي لم تكن متوافرة لديه عند قدومه إلى المملكة.
يمكن تصنيف العمالة الوافدة إلى فئات، فئة مدربة ولديها مهارات عالية في مجالها، والوطن بحاجة إلى خدماتها؛ فما الذي يمنعها من تصحيح وضعها لتقيم وتعمل بصورة نظامية بدلاً من التخفي والتهرب عن أعين الجهات الأمنية. أما الفئة الثانية فهي فئة ذات مهارات عالية ووضعها نظامي فهذه لا إشكال في وجودها ولها التقدير على خدماتها التي قدمتها وتقدمها، والوطن يرحب بها طالما وجدت حاجة إلى خدماتها. الفئة الثالثة تلك التي لا تملك أي مهارات تمكنها من المشاركة بصورة فاعلة في التنمية وتقيم بصورة غير نظامية، ومع ذلك لم تتعاون مع الجهات الرسمية لتصحيح أوضاعها، وجود هذه الفئة في أوساطنا يترتب عليه الكثير من الأمراض الاجتماعية فهي تمارس الجريمة بكل أنواعها من سرقة وتصنيع الخمور وترويج المخدرات، إضافة إلى الجرائم الأخلاقية ووضع هذه الفئة يرفع من نسبة الجريمة ويزيد من الجهود الملقاة على كاهل الجهات الأمنية.
الآثار الناجمة عن العمالة اللانظامية برزت في إحداث بطالة غير مسبوقة في بلادنا حتى أصبحنا محل تندر، إذ كيف توجد بطالة في أكبر منتج للنفط في العالم؟! هذا التساؤل في محله، إذ يصعب تصور أن يوجد عاطل وفقير في بلد غني كبلدنا، لكن السر يكمن فيما يقارب إن لم يزد على تسعة ملايين وافد وجدوا سوقاً مفتوحة على مصراعيها وأصبحوا يعملون في كل الأنشطة حتى التجارة بكل مجالاتها وأنواعها من تجزئة وجملة سيطروا عليها، ومن يدخل الأسواق يرى العجب العجاب، كأنه لا يوجد شعب سعودي إلا للتسوق، بل إن نشاط الوافدين امتد إلى التربية والتعليم؛ حيث المدارس الأهلية تملكوها بعد انتهاء مهلة التصحيح. صرحت الجهات الرسمية أن من تم تصحيح أوضاعهم بلغ مليونا وسبعمائة ألف. والسؤال كم بقي ممن لم يصححوا أوضاعهم؟ وكيف يمكن الوصول إليهم؟ وكم نحتاج من الوقت؟ وللإجابة عن هذه الأسئلة لا بد من معرفة الظروف والأسباب التي أوجدت الوضع قبل التصحيح.
استطاعت العمالة الوافدة خلال السنوات الماضية أن تعشش في بلادنا لغياب الرقابة الرسمية، إضافة إلى تخلي البعض عن مواطنته وتمركزه حول ذاته، حيث تستر البعض وساعد على الوجود اللانظامي لعمالة سائبة، أصحاب المؤسسات الوهمية الذين يضيفون الطابع الرسمي على العقود بأوراق وختم أسهموا في وجود هذا الكم من العمالة، أما الفئة الثانية فهم المتنفذون الذين يحصلون على آلاف التأشيرات حتى أصبحت تجارة ومصدر دخل هائل من خلال بيعها، أو المبالغ التي تدفع لهم شهرياً مقابل تسريحهم وتمكينهم من العمل، لا أقول بحرية بل بصورة عبثية، أما الفئة الثالثة فهم المقاولون الذين وجدوا في هذه العمالة السائبة فرصة لإنجاز أعمالهم ومقاولاتهم بعمال لا يتحملون تكاليف استقدامهم ولا يتحملون أي تبعات رسمية.
المواطن مسؤول أو غير ذلك مطالب بالتعاون لإيجاد التوازن في سوق العمل من أجل إعطاء من يبحث عن عمل من المواطنين الفرصة لذلك، كما أن الفرصة مواتية لمن يبحثون عن عمل ليحلوا محل العمالة الوافدة بعد تصحيح الأوضاع خاصة في أعمال التجارة، أو قيادة سيارات الخدمات كالماء الذي ينقطع في بعض المدن، والوطن بكامله عليه مسؤولية إعادة التأهيل للمواطنين الباحثين عن عمل وبالأخص الشباب لملء الفراغ الذي بدأت آثاره تظهر، وهذا متوقع مع سعي البعض لتضخيم الآثار على أمل عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل التصحيح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي