رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


التحليل المالي في سطور (2 من 3)

في المقالة السابقة تحدثت عن قائمة المركز المالي وكيف أنها عبارة عن بيان مالي يوضح ما للشركة وما عليها، وذكرت أن أهم ثلاث قوائم مالية هي قائمة المركز المالي، وقائمة الدخل، وقائمة التدفقات النقدية. هنا نتحدث عن قائمة الدخل وهي الأكبر شهرة وأكثر متابعة، لدرجة أن "تداول" عندما تنشر النتائج المالية الفصلية للشركات السعودية تكتفي بنشر بعض بنود قائمة الدخل، وهذا غير صحيح غير أنه يدل على أهمية هذه القائمة.
تصدر قائمة الدخل مرة واحدة كل ثلاثة أشهر حسب السنة المالية للشركة، وهي عبارة عن بيان مالي لنتائج نشاط الشركة عن فترة الأشهر الثلاثة المنصرمة، تعبر عن مدى نجاح إدارة الشركة في توظيف ما لديها من أصول بشكل فعال. أول مفهوم مهم تجب معرفته لفهم قائمة الدخل هو مبدأ الاستحقاق، وهو يعني أن الإيرادات والمصروفات يتم تسجيلها وفقاً لفترة استحقاقها لا وفقاً لوقت تسلم النقد المتعلق بها أو دفعه. هذا يعني أن الإيرادات المسجلة لفصل ما لا تعني أن الشركة بالفعل تسلمت هذه الإيرادات كنقد، ولا أن المصروفات الظاهرة تم دفعها خلال الفترة، والسبب هو أن العرف المحاسبي ينظر إلى وقت حدوث عملية البيع ووقت حدوث التكلفة، ولا يهتم بالمبالغ النقدية ذاتها، ويترك ذلك لقائمة التدفقات النقدية.
إن العرف المحاسبي يسجل التكاليف حسب المتحقق منها في الفصل، بغض النظر عن حجم التكلفة. على سبيل المثال، عندما تقوم شركة بشراء معدات بمائة مليون ريال، فإن فقط جزءا من هذه التكلفة يظهر في قائمة الدخل، وهو الجزء المرتبط باستخدام تلك المعدات خلال الفترة. فقد يقدر العمر الافتراضي لتلك المعدات بعشر سنوات، ومن ثم يسجل في قائمة الدخل الفصلية تكلفة المعدات (أو الاستهلاك) على أنها مائة مليون ريال مقسوماً على عشر سنوات، ومن ثم يقسم على أربعة فصول، فيكون فقط مليونين ونصف المليون ريال، وهذا يرفع من أرباح الشركة لعدم احتساب كامل التكلفة.
قائمة الدخل عبارة عن إيرادات يخصم منها مصروفات للوصول إلى صافي الدخل، أو الأرباح، غير أن هناك محطات مهمة يجب التوقف عندها في مرورنا من الإيرادات إلى صافي الدخل. أولى هذه المحطات هو إجمالي الربح الذي يأتي بعد طرح تكلفة البضاعة المباعة من المبيعات، وهو مهم للغاية لأنه يبين القدرة الربحية للشركة من منتجاتها، قبل احتساب أي تكاليف أخرى، وهو من أهم الأرقام المستخدمة في مقارنة نشاط الشركات. على سبيل المثال، لو أن شركة لبيع إطارات السيارات تبيع الإطار بألف ريال، وتكلفة الإطار الواحد على الشركة 700 ريال، يكون إجمالي الربح 300 ريال، ونقول إن نسبة إجمالي الربح 30 في المائة. ونجد أن إجمالي الربح غالباً لا يقع تحت سيطرة الشركة بشكل كامل، كونه يعتمد على سعر الإطارات في السوق وتكلفة شرائه من المصنع. لذا فإن إجمالي الربح يعتبر مؤشراً مهماً لجودة نشاط الشركة وقدرتها على تحقيق الأرباح، وكذلك يستفاد منه عند مقارنة أداء الشركات مع بعضها. فمثلاً لو أن شركة أخرى تعمل في نشاط آخر نسبة إجمالي الربح فيه 50 في المائة، فمن المفترض أن تكون هذه الشركة أفضل ربحية من شركة الإطارات، وربما يميل المستثمر إلى الشركات ذات النسب العالية في إجمالي الربح. غير أن هناك أمرا آخر يجب الانتباه إليه، وهو أنه حتى لو كان إجمالي الربح قليلا، فقد تكون تجارة الشركة مناسبة وقوية إذا كانت تبيع كميات كبيرة بدورة سريعة، فتكون نسبة الربح ضئيلة ولكنها متكررة بشكل سريع. على سبيل المثال، قد لا تتجاوز نسبة الربح في نشاط ما 5 في المائة - مثلاً شركة يقتصر نشاطها على تسويق خدمات شركة أخرى مقابل "عمولة" بمقدار 5 في المائة - فيمكن لهذه الشركات تحقيق أرباح كبيرة مقابل عدد العملاء الذين تقوم بتوجيههم للشركة الأخرى، ومثلها محال بيع المواد الغذائية، كالبقالات، التي تعتمد على سرعة دوران المخزون لتحقيق أرباح كبيرة.
يأتي بعد إجمالي الربح، الربح التشغيلي، وهو يعبر عن مقدرة الشركة على تحقيق أرباح مجزية بعد أن تقوم بخصم جميع التكاليف الإدارية والتسويقية اللازمة لبيع المنتج. فبينما إجمالي الربح مبلغ تحكمه ظروف السوق وأسعار الشركات المنتجة، نجد أن الربح التشغيلي يعتمد على "شطارة" الشركة في تحقيق مبيعات عالية بأقل تكاليف. فكلما زاد عدد الموظفين عن اللازم تأثرت أرباح الشركة التشغيلية سلباً، وقس على ذلك ارتفاع تكلفة المعدات والإيجارات والرسوم والدعايات وغيرها. إذاً، من الممكن أن تجد شركتين تعملان في المجال نفسه ولديهما نسبة إجمالي ربح واحدة، كونهما يبيعان المنتج نفسه ويحصلان عليه من مصنع واحد، غير أن شركة لديها القدرة على التحكم في مصروفاتها التشغيلية بشكل أفضل من الأخرى، وبالتالي تحقق أرباحا تشغيلية أعلى.
في نهاية المطاف نأتي إلى صافي الربح وهو الذي يأخذ جميع الاعتبارات الأخرى في الحسبان ويخرج كرقم نهائي لمحصلة نشاط الشركة المالي خلال الفصل، وقد يختلف عن الربح التشغيلي بشكل كبير، بسبب احتساب ما قد يوجد هناك من إيرادات أخرى ومصروفات أخرى. فمن الممكن لشركة أن تحقق ربحا تشغيليا معينا، ولكن يصادف في ذلك الفصل قيام الشركة ببيع أحد أصولها أو الحصول على تعويض من قضية قانونية أو تحقيق خسائر متعلقة بخفض قيمة أحد الأصول المسجلة لديها، فيظهر صافي الربح مختلفا تماماً عن الربح التشغيلي. لذا فإن المقياس المناسب لأداء الشركة هو الربح التشغيلي ومقارنة ذلك بالفصول السابقة لمعرفة قدرة الشركة على الاستمرار في تحقيق الأرباح.
ينظر كذلك لإجمالي الربح لما له من تأثير في بقية عناصر الربحية. فلو تبين لنا أن نسبة إجمالي الربح للشركة قد انخفضت عن الفصول السابقة، فيؤخذ ذلك كمؤشر سلبي ويدل على أن فائدة الشركة من بيع المنتج بدأت تتناقص، إما بسبب انخفاض أسعار السوق أو لقيام الشركة المُصنعة برفع أسعارها. ولكن كما ذكرنا أن الربح الإجمالي لا يقع تحت سيطرة الشركة بشكل كبير، ويتفاعل مع مؤثرات خارجية كبرى، فيكون من المهم دراسة أسباب انخفاض إجمالي الربح وهل هو مؤقت أم أنه سيستمر في النزول.
ختاماً، قائمة الدخل مجرد وسيلة محاسبية لرصد إيرادات الشركة وخصم التكاليف والمصروفات المختلفة للوصول إلى ثلاثة أرقام ترمز للربحية بصور مختلفة: (1) الربح الإجمالي الذي يعتمد على تكلفة البضاعة المباعة، و(2) الربح التشغيلي الذي يعتمد على التكاليف الإدارية والتسويقية والمعدات والتجهيزات اللازمة، وأخيراً (3) صافي الربح الذي يأخذ بعين الاعتبار جميع البيانات ويختزلها في رقم نهائي يعبر عن ربحية الشركة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي