انتهاء المهلة التصحيحية للعمالة والتأمين الصحي
لعلي استأذن القارئ الكريم بإكمال الحديث حول الاستثمار في القطاع الصحي الخاص للأسبوع القادم نظرا لما تشهده السعودية من حراك حقيقي نحو تصحيح أوضاع العمالة لديها. فالأسبوع الفائت شهد انتهاء مرحلة كانت فيها أوضاع بعض العمالة الوافدة مخزية في بعض جوانبها. ما أتمناه خلال المرحلة المقبلة أن تكون سيادة القانون دائمة وليست مؤقتة وألا نحتاج إلى حركة تصحيح أخرى. هذا الحراك نحو تصحيح أوضاع العمالة ستكون له انعكاسات متعددة إيجابية في مجملها. إعلاميا تم تناول هذا الموضوع من عدة زوايا خصوصا الجوانب الاقتصادية والأمنية وإن كان من الصعب فصل الجوانب الاقتصادية عن الجوانب الأمنية أو حتى عن الجوانب الأخرى كبرامج السعودة والاستثمار وغيرها. ولعلي في هذا المقال أتحدث عن انعكاس الحركة التصحيحية للعمالة على الخدمات الصحية بشكل مباشر.
فالخدمات الصحية الحكومية ما زالت تقدم رعاية صحية لبعض الوافدين خصوصا ممن ليس لديهم تأمين صحي. مشاكل الإقامات أهم أسباب عدم توافر التأمين الصحي لبعض الوافدين. لذا فإني أتوقع إيجابيات عديدة من وراء تصحيح أوضاع العمالة كتقليل طلب هذه الفئة على الخدمات الصحية الحكومية. فمثلا، تستقبل أقسام الطوارئ في بعض المستشفيات الحكومية حالات صحية حرجة بسبب حوادث المرور. بعض هذه الحالات لوافدين ليست لديهم إقامات صحيحة. غالبا ما يتم التعامل مع هذه الحالات الصحية الطارئة بصورة إنسانية ويتم تقديم الرعاية الصحية التي يستحقونها. في دراسة علمية حول أهم أسباب عدم حصول الرعاية الصحية للأقليات العرقية في بعض البلدان الأوروبية، وجدت الدراسة أن عدم وجود وثائق رسمية للإقامة أحد أهم أسباب عدم تلقيهم الرعاية الصحية التي يستحقونها.
من المفترض بعد عام 2008 أن يكون لدى كل العاملين في القطاع الخاص تأمين صحي بغض النظر عن حجم الشركات التي يعملون فيها خصوصا بعد ربط تجديد الإقامة مع حصول التأمين الصحي. فنظام التأمين الصحي التعاوني ربط تجديد الإقامة بحصول العامل على تأمين صحي. العمالة السائبة إحدى أهم الفئات التي ليس لديها تأمين صحي حسب دراسة أقيمت في مدينة الرياض. شملت الدراسة كل الشركات العاملة في القطاع الخاص بغض النظر عن حجمها ونشاطها الاقتصادي ''استثنت الدراسة العاملين في الشركات غير الربحية أو الحكومية أو العاملين في القطاع الصحي الخاص كالمستشفيات والمراكز الصحية والصيدليات والبصريات وغيرها''، كان من أهدف الدراسة تحديد نسبة من ليس لديهم تأمين صحي من العاملين في القطاع الخاص وتحديد أسباب ذلك. توصلت الدراسة إلى أن 21.2 في المائة ممن ليس لديهم تأمين صحي يعملون مع غير كفلائهم كما أن الإقامة لعمل آخر سبب آخر لعدم التأمين الصحي 10.8 في المائة. وكان أهم الأسباب الأخرى لعدم التأمين الصحي كالآتي: عدم تجديد الإقامة 20.6 في المائة، لديهم تأمين شكلي أو ورقي من أجل تجديد الإقامة فقط 27.4 في المائة، مدة التأمين الصحي كانت محدودة جدا وانتهت ولم تجدد 16 في المائة، أسباب أخرى 4 في المائة.
أتمنى أن تسهم هذه الحركة التصحيحية في الحد من 32 في المائة ''10.8 في المائة مع 21.2 في المائة'' ممن لم يكن لديهم تأمين صحي. كما أتمنى إقامة دراسة تقيس مدى تأثير مثل هذا القرار في جوانب صحية متعددة خصوصا نسبة من ليس لديهم تأمين صحي من الوافدين.