رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الاتحادات الرياضية والبُعد الاقتصادي

عجت صباح اليوم صحيفة الرياضية بأخبار اجتماع مجالس إدارات الاتحادات الرياضية الجديدة والتي عادة ما تتضمن نتائج انتخابات المجالس للمناصب الإدارية، إلا أن ما لفت نظري أن بعض المجالس ومنها اتحاد السباحة واتحاد الطائرة خرجت عن المألوف، حيث يقول خبر انعقاد مجلس اتحاد السباحة إنه ناقش واقع الألعاب المائية في بلادنا مقارنة بواقعها في الدول المجاورة والمتقدمة وأسباب التعثر والتحديات التي تواجه مشروع تطوير الألعاب المائية وضرورة تكاتف أعضاء مجلس إدارة الاتحاد لمواجهتها بالعمل الجماعي، في حين أن خبر اتحاد الكرة الطائرة قال إن المجلس ناقش دراسة مقترح رئيس الاتحاد بشأن أكاديمية الكرة الطائرة.
معظمنا يعرف قصة خصخصة الأندية الرياضية السعودية وعدم نجاح هذه العملية كما نتمنى جميعاً، وخروج بعض المستثمرين الكبار كالأمير عبد الله بن مساعد للاستثمار الرياضي خارج البلاد، وأعتقد أن مثله الكثير رغم أن ــــ كما ذكر الدكتور صالح المالك في كتابه الاستثمار في الرياضة ــــ الأندية الرياضية في السعودية لديها مقومات عديدة للاستثمار والتمويل الذاتي لتنويع مصادرها التمويلية بشكل مستدام لمواجهة نقص الإيرادات المالية الذاتية وسداد ديونها والقضاء على شكوى لاعبي الأندية المحترفين من تأخير تسلمهم مستحقاتهم.
وأعتقد من جانبي أن فشل عملية خصخصة الأندية الرياضية لا تعود للأندية فحسب، بل تعود للاتحادات الرياضية التي تصل حسب علمي لنحو 30 اتحادا لألعاب جماعية ككرة القدم والطائرة والسلة واليد، وألعاب فردية كالملاكمة والمصارعة والجودو والتايكوندو، ولألعاب جماعية وفردية كالسباحة التي تشتمل منافساتها على منافسات فردية وجماعية على شكل فرق، وسبب اعتقادي أن الخصخصة لا تبدأ من فوق أو من الوحدات الرياضية كالأندية والفرق، وإنما تبدأ من تحت من الاتحادات التي يمكن أن تلعب دور الهيئات المنظمة Regulators لكل لعبة لتنظيم وتطوير سوقها وحماية عناصره وتعزيز قوتهم من منتجين ومستفيدين ووسطاء.
بكل تأكيد أن تنظيم وتطوير كل لعبة وتحفيز عناصرها وتعزيز قوتهم سيؤسس لبيئة رياضية اقتصادية فاعلة تتراكم قوتها بمرور الزمن من حيث كم ونوع العناصر المنتجة والمستفيدة والوسيطة لتصبح قادرة على الإنتاج الكبير وبأسعار معقولة وبجودة عالية، وهو ما سينعكس على قوة اقتصاد القطاع الرياضي من جهة، وفعاليته في تعزيز مساهمة القطاع الرياضي في إجمالي الناتج المحلي من جهة أخرى، كما سيؤسس لبيئة رياضة قادرة على النهوض بمهمتها بتمكين الشباب السعودي ''شباب اليوم والغد'' من استثمار أوقاتهم الحرة بلعبة رياضية أو أكثر تناسب مواهبهم وميولهم وأعمارهم وحالتهم الصحية والبدنية، الأمر الذي سيعزز من صحتهم وحالتهم الاجتماعية والنفسية ويعزز منظومة قيمهم الأخلاقية كالصبر والإرادة والإصرار والانضباط وغيرها، ويحميهم شرور أوقات الفراغ وما يترتب عليها من مشكلات، كما سيوسع قاعدة اللاعبين في جميع الألعاب الأمر الذي سيزيد من فرص اكتشاف الموهوبين والمميزين واستقطابهم والدفع بهم لمنصات التتويج الدولية من خلال إلحاقهم ببرامج التميز الرياضي المتعارف عليها.
أجزم إذا أخذت الاتحادات الرياضية على عاتقها مسؤولية تنظيم وتطوير أسواق الرياضة المسؤولة عنها سواء قامت بذلك منفردة أو بالتعاون بين اتحادين أو أكثر ذوي نشاط متقارب كاتحادي الجودو والتايكوندو والكراتيه على سبيل المثال. أقول: أجزم أن فرصة نجاح خصخصة الأندية لجميع نشاطاتها الرياضية ستكون أقرب للنجاح منها للفشل لأن الأندية حينها لا تستطيع أن تكون خارج السوق وإلا سبقها له الآخرون، إذ لابد أن تسارع لمنافسة القطاع الخاص الذي لن يفوت الفرصة هو أيضاً خصوصاً إذا كان المستثمرون من الممارسين أو المعنيين أو المهتمين بأي نوع من الألعاب الرياضية.
مشروع تطوير الألعاب المائية الذي اقترحه اتحاد السباحة كضرورة لمعالجة ضعف النتائج المحققة دولياً، والذي يهدف لتطوير عناصر منظومة قطاع الألعاب المائية ليلعب دوره في توسيع قاعدة السباحين وممارسي الألعاب المائية والمشاركين في البطولات المحلية لاكتشاف الموهوبين وتأهيلهم للمنافسات الدولية، هو مشروع مبشر وواعد لأنه تحرك على البعد الاقتصادي الذي يعتبر البعد الفعال والمحرك لكل عناصر أية لعبة، ولنا في الدول الغربية مثالاً يمكن أن نتبعه. وحسب علمي فإن المشروع يطرح اليوم منتجات خدمية ستحقق عوائد مالية كبيرة للمشروع والاتحاد بالتبعية كما أنه سيحفز كل المعنيين بالألعاب المائية والألعاب القريبة لها بالاستثمار في هذا المجال اقتصاديا وهو ما سيوسع دائرة المنتجين الذين بكل تأكيد سيوسعون دائرة المستفيدين، وهو ما سيحفز الأندية بالتبعية لإنشاء وتشغيل المسابح تجارياً لتحقيق عوائد مالية من سوق نامية، وهنا تبدأ عملية الخصخصة من تحت لتصعد إلى أعلى فتصبح واقعاً دون معاناة كما هو واقعنا الحالي.
فكرة اتحاد الطائرة لإنشاء أكاديمية رياضية للعبة الكرة الطائرة هي فكرة مبشرة بخير، وإن كنت لا أتوقع أن تحقق ما نصبو إليه من خصخصة لألعاب الطائرة والألعاب المقاربة كالسلة واليد، إذ إنها فكرة وحيدة خارج مشروع تطويري متكامل ينهض بعناصر منظومة قطاع لعبة الكرة الطائرة والألعاب المقاربة لها، وأظن أن التحرك على عناصر منظومة القطاع أهم ويمكن لمشروع الأكاديمية أن يكون من منتجات مشروع التطوير.
من بعض الأرقام التي أعلنتها رابطة دوري المحترفين السعودية في فصل واف لإيرادات ومصروفات الأندية السعودية المنتمية لدوري عبد اللطيف جميل للمحترفين الموسم الماضي حيث بلغت الإيرادات 910 ملايين ريال، والمصروفات 921 مليون ريال سعودي، رغم أن مجال الإيرادات يمكن تطويره بشكل هائل بعيداً عن تبرعات أعضاء الشرف والميسورين المحبين لأنديتهم. أقول من بعض هذه الأرقام يمكن لنا أن نتخيل حجم السوق السعودي الاقتصادي للرياضة، وهو أمر يجب أن يكون محفزا لجميع الاتحادات للتوجه للرأسمالية الرياضية كما هو الحال في الدول الغربية.
ختاماً أتطلع إلى أن يكون ما ينجزه المشروع الوطني لتطوير الألعاب المائية في الجانب الاقتصادي نموذجاً لجميع الاتحادات لتطوير عناصر منظومة أسواقها لتلعب دورها الاقتصادي من ناحية، ودورها في تنمية الألعاب للوصول إلى المستويات العالمية من ناحية ثانية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي