هل تتمكن كليات التربية من الوفاء برسالتها؟
حتى عام 1427/1428هـ يوجد في المملكة نظامان لإعداد المعلمين في التعليم العام هما: كليات التربية التي تتبع الجامعات، وكليات إعداد المعلمين التي ترجع تبعيتها لوزارة التربية والتعليم، وحتى هذا التاريخ يوجد ست كليات تربية تابعة للجامعات يلتحق بها طلاب وطالبات، وثماني عشرة كلية إعداد معلمين خاصة بالطلاب، إضافة إلى تسع وسبعين كلية تربية خاصة بالبنات. وقد بلغ عدد طلاب هذه الكليات مجتمعة في عام 26/1427هـ ما مجموعه 317625 طالبا وطالبة يفترض أن سوق العمل التعليمي تستوعبهم، أو يمكن القول إنها في حاجتهم طالما أنهم التحقوا بهذه الكليات.
في عام 28/1429هـ ألحقت كليات إعداد المعلمين، وكليات التربية للبنات بالجامعات، وحتى تكون الصورة واضحة لا بد من الإشارة إلى أن إلحاق كليات إعداد المعلمين اقتصر على أعضاء هيئة التدريس، وهذا يعني أن كليات المعلمين لم تعد تقبل طلاباً جدداً، وهذا الإجراء بحد ذاته يحتاج إلى وقفة مراجعة يتم بموجبها معرفة مدى قدرة كليات التربية القديمة والحديثة التي أنشأتها الجامعات الجديدة على تلبية احتياجات سوق العمل التعليمي، فإلغاء كليات المعلمين سيكون له تأثير على عدد المقبولين والمتخرجين، ومن ثم قد تواجه وزارة التربية والتعليم شحاً في عدد الخريجين إذا ما أخذنا في الاعتبار المدارس الحديثة والمعلمين المتقاعدين، والمستقيلين، والمتوفين، ومن يكلفون بأعمال إدارية، أو يوفدون للتدريس خارج المملكة.
كليات التربية في الجامعات في حاجة إلى إعادة النظر في برامجها وخططها، ورسم برنامج عمل يتناسب مع هذه التغيرات حتى لا نجد أنفسنا في حالة شح في المعلمين. إضافة إلى أن كليات المعلمين في السابق تخرج معلمي المرحلة الابتدائية، وهذا يستوجب إعادة النظر في البرامج والخطط الدراسية إذ ربما كليات التربية في حاجة إلى إيجاد نوعين من البرامج، برنامج معلمي المرحلة الابتدائية، وبرنامج معلمي المرحلة الثانوية.
تحديات كليات التربية المستقبلية ليست مقتصرة على الأعداد الواجب قبولها بهدف سداد الحاجة، وتعويض الأعداد التي كانت تخرجها كليات إعداد المعلمين بل لا بد من الأخذ في الاعتبار للتخصصات خاصة مواد الرياضيات، والفيزياء، والكيمياء، والأحياء، واللغة العربية، والتاريخ، والجغرافيا، واللغة الإنجليزية، فهذه لا بد لها من توظيف النظام التكاملي بين كليات التربية والكليات التي تدرس هذه المواد، إذ لا يمكن الاستمرار في النظام التتابعي الذي يتطلب دورة تربوية تستمر لمدة سنة بعد تخرج الطالب مما يضفي أعباءً على الطلاب، وزيادة في المدة الدراسية للطالب، وربما توظيفاً للخريجين دون حصولهم على المؤهل التربوي كما حدث في السابق، وتكرر لعدة مرات، وذلك نتيجة الوقوع تحت ضغط الحاجة الماسة للمعلمين حتى لو لم يحصلوا على الإعداد التربوي والمهني، فالمعرفة المتخصصة وحدها لا تكفي لإيجاد معلم ناجح يفتقد مهارات التواصل وأسس التربية وطرائق التعليم والتعلم.
بوادر النقص في المعلمين بدأت تظهر في معلمي التربية البدنية، والفنية، ولو استمر الوضع على ما هو عليه لظهر العجز في تخصصات أخرى، ولذا قد نجد أنفسنا مضطرين للتعاقد بما يترتب على التعاقد من مشكلات إدارية، وتربوية، وثقافية، ومالية، وبما يسهم في زيادة البطالة لدينا حين ينحصر القبول في كليات التربية على أعداد قليلة، والاتجاه لكليات وتخصصات لا يجد فيها الخريجون فرص عمل، فهل تسارع كليات التربية بنظرة مستقبلية ثاقبة للاضطلاع بمسؤولياتها نحو المجتمع للوفاء بالاحتياجات الكمية من المعلمين إضافة إلى المستوى الكيفي الذي يؤهل لمواجهة متطلبات العصر سريعة التغير خاصة مع التقنية التي أصبحت بيد الصغار قبل الكبار مما يجعلهم في وضع تنافسي من معلميهم أو ربما يتفوقون عليهم!