لماذا تغيب عنا مراكز الدراسات الدولية؟

تطرقت في مقال سابق إلى ضرورة إيجاد مكاتب استشارية تعمل على دراسة قراراتنا وتعطينا سلبيات تلك القرارات وإيجابياتها والرؤية المستقبلية لها، ومن ثم نكون قد وضعنا أنفسنا على أولى الخطوات الصحيحة التي تحقق أهدافنا على مختلف المجالات، حيث تمنيت أن يبادر المجلس الاقتصادي الأعلى بتبني ذلك من خلال دعمه لشراكة بين صندوق الاستثمارات العامة وأحد المكاتب المتخصصة، على أن يكون جميع أجهزة الدولة تستعين به في اتخاذ قراراتها، وتدريجيا يمكن فتح المجال لمكاتب أخرى للدخول في السوق، ومن ثم فإن الاستعانة بمثل هذه المكاتب المتخصصة سيجعل مسؤولية القرار مترتبة على الجميع واحتمالية فشله قد تكون منعدمة.
واليوم لن أذهب بعيدا عن مقالي السابق، حيث سأتحدث حول أهمية إيجاد مراكز دراسات دولية استراتيجية تساعدنا في تحديد علاقاتنا الاقتصادية والسياسية مع دول العالم، حيث ترتبط المملكة في الوقت الراهن بالعديد من العلاقات الكبيرة على مستوى القطاعين العام والخاص، سواء كانت تلك العلاقات سياسية أو اقتصادية أو تعليمية، إذ أصبحت حاجاتنا لمثل هذه المراكز الاستراتيجية ملحة، خصوصا في ظل ما نشهده من تطور للمملكة في شتى المجالات، حيث تكمن فائدة مراكز الدراسات الاستراتيجية في توفير المعلومات عن الدول التي تربطنا بها علاقة أو التي يتوقع ارتباطنا معها بعلاقات اقتصادية أو سياسية أو تعليمية، فهناك في الوقت الحالي العديد من لدول الصاعدة اقتصاديا كالهند، والصين، وروسيا، والبرازيل، وجنوب إفريقيا، وغيرهم من الدول، فما المعلومات المتوافرة لدينا عن تلك الدول؟ من أجل بناء علاقات على أساس واضح ومميز، حيث لن يتم ذلك إلا من خلال مراكز دراسات استراتيجية تعمل على توفير المعلومات اللازمة، وتدار من خلال عقول سعودية مهيأة ومدربة للوصول للهدف المنشود، عن طريق إتاحة الوقت الكافي للتدريب والصقل بما يشمل تعلم اللغات المختلفة.
إننا بالفعل عند وجود مثل هذه المراكز المتخصصة سنلاحظ الفرق الكبير في علاقاتنا القائمة، أو عند الإقدام على بناء علاقات جديدة في مختلف المجالات السياسية أو الاقتصادية أو التعليمية أو حتى الاجتماعية، فإتاحة المعلومة الصحيحة والبناء عليها هما أساس بناء العلاقات القوية والمتينة والمتميزة، في ظل حرصنا الشديد على التقدم إلى الأمام في مختلف المجالات، حيث إن أهدافنا في البناء والتنمية وغيرها من المجالات ينبغي لها ألا تستهدف المدى القريب فقط، بل يجب أن تكون هناك نظرة بعيدة، لتؤتي ثمارها، وفق آليات وخطط طموحة يعمل ويتعاون الجميع على تنفيذها، من خلال بناء استراتيجية متكاملة لعلاقة المملكة بالخارج عن طريق الاستعانة بمثل هذه المراكز والتعاون مع الاستشاريين الدوليين، وأن يكون الدور الرئيس لإدارة هذه المركز متمثلا في وزارة الخارجية وتحقيق هدف من القيم التي تستهدفها وهو الحوار والانفتاح على ثقافات العالم وشعوبها ومواكبتها العالمية في شتى المجالات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي