المقومات النفسية للإداري الناجح

مَن الناجح إدارياً؟ سؤال أطرحه على نفسي في كثير من الأحيان، ولا أعتقد أني الوحيد الذي أطرح هذا السؤال، وذلك أن معرفة الناجح إدارياً قد لا تكون واضحة تمام الوضوح لكل الناس، وذلك لأن الناس يرون ويدركون الأمور من زوايا مختلفة، فمنهم من ينظر للأمر من وجهة نظر خاصة تماماً، وآخر ينظر للأمر من خلال التزام هذا المدير بالأنظمة واللوائح، وثالث ينظر للأمر ويقيمه من خلال تحقق أهداف المنظمة، والإنجاز الذي تحقق. مديرون كثر يصنفون بأنهم ناجحون لأنهم يتركون الحبل على الغارب كما يقول المثل للبعض ويغضون الطرف عن تسيبهم ويدافعون عن هذا التسيب لمصالح مشتركة تجمعهم بهؤلاء، أما الآخرون من العاملين معهم فإنه تتم متابعتهم والتضييق عليهم ومحاسبتهم وتطبيق النظام بحقهم.
بهدف معرفة الإجابة حاولت أن أربط الموضوع بعدة أشياء كخبرة المدير، وعمره، وتخصصه، وشخصيته وما يتميز به من سمات وخصائص، والخبرة لها دور في نجاح الفرد في أدائه، إذ تكسب المدير الإلمام باللوائح والأنظمة، كما تتيح له معرفة كيف تسير الأمور داخل المنظمة ومعرفة العلاقات بين وحداتها وبين العاملين فيها، ومعرفة علاقة المنظمة بجهات خارج حدودها، الخبرة تمكن المدير من معرفة أفضل الأساليب في التعامل مع الأفراد، إذ إن البعض قد تصنعه من خلال كلمة لينة، بينما آخر من خلال تغيير في نبرة الحديث معه، وثالث من خلال تذكيره بالنظام.
العمر مهم، إذ إن النضج في التفكير والمشاعر يتحقق من التقدم في العمر فحالة التدوير، والاندفاع، والعجلة قد تكون أكثر وضوحاً عند صغير السن في غالب الأحيان، لكن الأكبر سناً والذي عركته الحياة تتشكل لديه مناعة ضد الصدمات والمواقف والظروف المفاجئة في بيئة العمل.
شخصية الفرد بما فيها من سمات كالثقة بالنفس، والأمانة والقدرة على اتخاذ القرار، والكاريزما المؤثرة كلها سمات مهمة لنجاح الإداري متى توافرت في فرد من الأفراد، لكنها لا تغني عن متغير الخبرة، والعمر.
هل التخصص في الإدارة يحقق النجاح الإداري؟ أي هل كون الفرد متخصصاً في الإدارة يجعله ناجحاً في إدارة منظمته؟! التخصص في الإدارة يعطي فرصة الاطلاع على نظريات الإدارة ونماذجها المختلفة، كما يتيح للفرد معرفة الأنظمة واللوائح، وهذه مهمة لكنها لا تخلق إدارياً ناجحاً، فالمعرفة لا تغير شخصية الفرد في سماتها وخصائصها، كما أنها لا تزيد من قدرة الفرد على التأثير في الآخرين. الواقع يكشف لنا أن أفراداً تخصصهم إدارة، لكن أداءهم الإداري متواضع بل أقرب للفشل، ولو تأمل كل واحد منا في المنظمة التي ينتمي لها لوجد أن من يقع على رأس الهرم فيها متخصص في الإدارة لكنه لا يستطيع إدارة مرفقه، وقد يجد إدارة أخرى يرأسها شخص ليس لتخصصه علاقة بالإدارة ومع ذلك يشار للمنظمة بالبنان لنجاحها وتميزها وتحقيقها الأهداف بسلاسة وهدوء، وكفاءة مالية وبنفقات معقولة وغير مبالغ فيها. إن تخصص الإدارة ليس شرطاً لازماً في النجاح لكن العناصر الأربعة السابقة تتكامل مع بعضها وتعطي الإداري الناجح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي