اتخاذ القرار والاستعانة بمكاتب استشارية متخصصة

عند اتخاذ أي قرار في أي مجال كان، بكل تأكيد له آثار إيجابية وغير إيجابية وآثار آنية وأخرى مستقبلية، وتختلف تلك القرارات ومدى ارتباطها مع أي جهة داخلية أو خارجية من ناحية التأثير. وعادة ما يتخذ أي قرار لتحقيق أمر نريده في حياتنا، أو لنخرج من مشكلة تواجهنا، حيث تعد مجمل القرارات مصيرية ومؤثرة في أغلب المجالات سواء كانت على المستوى الشخصي أو على المستوى العام، لذا فإننا نعتبر مسألة اتخاذ القرار مسألة مهمة جدا، وتتفاوت في درجتها وخطورتها من المستوى الشخصي إلى العام، ولهذا لا بد أن تكون هناك آلية صحيحة يتم استخدامها في اتخاذ القرارات وخصوصاً المصيرية منها التي يترتب عليها تغيير مواقف وبناء حياة أو تشريعات أو خطط تنموية أو استراتيجيات، فهناك العديد من الخطوات الصائبة التي يجب اتباعها عند اتخاذ أي قرار كان، والتي من أهمها المشورة وتحديد مجال القرار وفهمه، إضافة إلى الاستفادة من التجارب والخبرات، ومن ثم دراسة تأثيرات القرار الحالية والمستقبلية.. قد تكون تلك الخطوات هي على المستوى الشخصي لأي فرد منا.. ولكن عندما تتحول القرارات إلى العمل المؤسسي، فإننا بالفعل نحتاج إلى جهات تلم بجميع الخطوات للقرار الصائب كي نحقق الأهداف المرجوة من اتخاذ أي قرار وفي أي مجال، فالقرار الصائب يكون بمعرفة المآلات، حيث إن معرفة السلبيات والإيجابيات والموازنة بينهما تمنحنا القدرة على اتخاذ القرار المناسب، فعندما نغفل عن ما يترتب على قراراتنا من سلبيات فإننا نسقط ونعود إلى الوراء مرة أخرى، في ظل حرصنا الشديد على التقدم إلى الأمام، لذلك لابد من جمع المعلومات ودراسة الاحتمالات المترتبة على قراراتنا والرؤية المعتدلة للأمور دون تغليب جانب على آخر.. هنا أذكر أنه في إحدى المناسبات كان لي لقاء مع عضوين من فريق وزارة التجارة والصناعة هما الأستاذان فهد البوحيمد ووليد أبو خالد، ودار الحديث فيما بيننا حول أحد المكاتب الاستشارية الخاصة التي مهمتها إيضاح كل الآثار الحالية والمستقبلية لأي قرار، ومدى تمكن وكفاءة هذا المكتب الاستشاري، من خلال هذا الحديث تبادر إلى ذهني تساؤل مهم: لم لا نستعين عند اتخاذ القرار بأحد هذه المكاتب الاستشارية وجعله يدرس قرارنا أيا كان ويعطينا سلبياته وإيجابياته والرؤية المستقبلية له، ومن ثم نكون قد وضعنا أنفسنا على أولى الخطوات الصحيحة التي تحقق الهدف.. وأذكر هنا على سبيل المثال أن هناك العديد من الشركات الخاصة التي تعمل في قراراتها على الاستعانة بالمختصين من المكاتب الاستشارية، كشركة شل التي تعتبر من أوائل من استخدم التخطيط البدائلي كوسيلة لإيجاد بدائل عند تغير المدخلات والظروف.
ومن وجهة نظري ما ينطبق على القطاع الخاص يمكن تطبيقه على الأجهزة الحكومية فكلاهما جهات أعمال ويصدران العديد من القرارات.
ومن هذا المنطلق تمنيت أن يبادر المجلس الاقتصادي الأعلى بتبني ذلك من خلال دعمه شراكة بين صندوق الاستثمارات العامة وأحد المكاتب المتخصصة، على أن تستعين به جميع أجهزة الدولة في اتخاذ قراراتها، وتدريجيا يمكن فتح المجال لمكاتب أخرى للدخول في السوق، ومن ثم فإن الاستعانة بمثل هذه المكاتب المتخصصة ستجعل مسؤولية القرار مترتبة على الجميع واحتمالية فشله قد تكون شبه منعدمة، وقبل ذلك يجب تجهيز البنية الأساسية ألا وهي توفر المعلومات اللازمة بما يشمل كل الأرقام والإحصائيات، وهي مسؤولية وزارة الاقتصاد والتخطيط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي