رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


ضبط السلوك ودور الدين والعلوم الحديثة

ضبط السلوك سواء العام في الظروف والأوقات كافة أو في موقف وظرف محدد، يمثل هدفاً تسعى إليه المجتمعات، لأن في ضبط السلوك آثارا إيجابية على الفرد والمجتمع والإنتاجية في مجال أو عمل من الأعمال، فمع ضبط سلوك الفرد تقل الجرائم والحوادث ويكون الاطمئنان هو السمة السائدة في المجتمع، ولتحقيق غاية الهدوء والطمأنينة في المجتمع جاءت الأديان السماوية موجهة وفارضة أسساً وأصولاً لا بد من الالتزام بها من قبل الفرد، كما ألزم المجتمع بضرورة مراعاة والحرص على التأكد من التزام الجميع بمراعاة قواعد السلوك التي أقرها الدين. الأديان حددت المباحات والمحرمات، كما ذكرت المستحبات والمكروهات في كثير من مجالات الحياة سواء كان الفرد في منزله، أو في الشارع، أو في بيئة العمل، أو حين يتسوق، وذلك لجعل الفرد والمجتمع يعيش حياة حضارية راقية.
وإضافة إلى ما ورد في النصوص الدينية من تشريعات استحدثت وأنظمة وقوانين تستهدف ضبط وتوجيه السلوك، حتى لا تكون البيئة مسرحاً لعبث العابثين، إذ على سبيل المثال لا الحصر أنظمة المرور أوجدت بهدف ضبط سلوك الفرد في أثناء قيادة السيارة حتى لا يتضرر الأفراد الآخرون والممتلكات، إذ لا يمكن ترك الساحة للعابثين والمستهترين. ضبط السلوك من الممكن أن يتم من خلال الثواب الذي يناله من يمارس السلوك الحميد، ومن يحافظ على الأنظمة والقوانين المقرة سواء كانت عامة أو خاصة في مجال من المجالات، وذلك لتعزيز وتثبيت السلوك، سواء كانت وسيلة التعزيز لفظية مثل كلمة أحسنت، ممتاز، جزاك الله خيراً، أو مادية كالجوائز مثل النقود أو الكتب أو الأقلام وغيرها.
أما العقاب عند انحراف السلوك وعدم انضباطه فيكون بعدة وسائل وطرق، كالعقاب اللفظي أو الحسي كالضرب أو السجن أو الحرمان من شيء محبب للفرد، ومن أبرز ما ورد في الدين الإسلامي الحنيف الجنة والنار حيث يبشر بالجنة كجائزة للمتقين ومنضبطي السلوك، في حين يتوعد المنحرفين والخارجين على الشرع بالعقاب الشديد والنار.
انحراف السلوك مكلف أمنياً ومادياً، ومؤذ للفرد والمجتمع وكلما كثر المنحرفون في المجتمع فسد المجتمع، فالمجتمع الذي تكثر فيه الرشوة يعاني مشكلات إدارية وروتينا وقلة إنتاج، كما أن انضباط السلوك واستقامته يترتب عليه سرعة الإنجاز وجودته وقلة الروتين. المجتمعات التي يكثر فيها المنحرفون تضطر إلى إيجاد الإصلاحيات، ودور الرعاية، والسجون، والمستشفيات وذلك للعلاج وإعادة التأهيل النفسي والتربوي والاجتماعي لتتم عملية إدماج الفرد في المجتمع، وتستحدث برامج تعديل السلوك لكثير من الخارجين على النظام والقانون، بهدف إعادتهم إلى جادة الصواب، وهذا العمل مكلف للأفراد والمجتمع مالياً، واجتماعياً، وأسرياً.
الغريب في الأمر أن بعض المجتمعات لا تقيم وزناً لدور الدين في تهذيب السلوك وتوجيهه، بل إن مجتمعات أخرى تحارب الأنشطة الدينية حتى وإن كانت من محسنين ومتبرعين، وهذه المجتمعات تكون قد أضاعت على نفسها فرصة كبيرة في تجنب كثير من الانحرافات السلوكية وما يترتب عليها من مشكلات. لقد ثبت أن الالتزام الديني له دور في ضبط وتوجيه السلوك بما يتفق مع معطيات ومصلحة المجتمع، فهل نعيد للتنشئة الدينية دورها في تشكيل قيم الفرد، ونوفر على مجتمعنا كثيرا من المشكلات والأضرار؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي