رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


فلتكن للإجراءات الحكومية مدة محددة

تحدثت الأسبوع الماضي عن أهمية وضرورة تطوير وتحديث الأنظمة والإجراءات في جميع الوزارات والجهات الحكومية وشبه الحكومية، وحتى القطاع الخاص، وأن كبر مساحة المملكة - حفظها الله - وما تعيشه اليوم من طفرة اقتصادية كبيرة وتطور هائل في جميع المجالات، يتطلبان منا الاهتمام بشكل جدي وواقعي لمواكبة هذا التطور واستغلال هذه الطفرة من خلال تحديث أنظمتنا وقوانيننا وإجراءاتنا في جميع المجالات.
وتحدثت في المقال ذاته، حول الإجراءات الصادرة من القرى أو المحافظات وتأخر إنجازها، نظرا للتسلسل الإجرائي الطويل الذي تقوم به الدوائر الحكومية في تلك القرى أو المحافظات إلى أن تصل إلى مقر القرار النهائي في الوزارات، وضربت مثلا في ذلك بتأخر صرف مستحقات بعض المقاولين المالية والمدة الطويلة التي تستغرق في ذلك، وكنت أقصد هنا تأخر صرف المستحقات منذ بداية معاملة الصرف من الجهة المعنية ''جميع الوزارات والجهات الحكومية الأخرى'' إلى أن تصل إلى وزارة المالية التي تعطي أوامر الصرف فقط، وهي جزئية من الحلقة الأطول لدى الوزارات الأخرى .. هنا التبس الأمر على الإخوة في وزارة المالية وظنوا أنني اتهم وزارة المالية بعينها في تأخُّر صرف المستحقات، حيث تضمن ردهم حول ذلك: ''نود الإفادة أنه لا صحة إطلاقا لتأخُّر مستحقات أي مقاول أو مورد لدى وزارة المالية، يستثنى من ذلك تلك المعاملات التي لم تستكمل أوراقها النظامية مما يتطلب إعادتها للجهة صاحبة المشروع بطلب استكمالها، وهي لا تشكل نسبة تذكر من إجمالي أوامر الدفع التي ترد للوزارة من الجهات الحكومية، وذلك خلال فترة قياسية لا تزيد على يومين يتم خلالها تسجيل أمر الدفع ومراجعة معلوماته، ومن ثم إصدار شيك بالمبلغ أو تحويل المبلغ إلى حساب المستفيد لدى المصارف المحلية، وتبلغ نسبة ما يتم تحويله للحسابات المصرفية للمستفيدين حاليا 53 في المائة مما يتم صرفه، وقد قامت الوزارة خلال الربع الأول والثاني والثالث من العام المالي الحالي بصرف أكثر من 400 ألف أمر دفع، أما ما ذكره الكاتب عن مساحة المملكة الشاسعة وكثرة فروع الوزارة فليس له أي تأثير أو علاقة بفترة صرف المستحقات'' .. هنا الرد جميل جدا ويثلج الصدر، بل أعجبني والعديد من المتابعين سرعة تجاوبهم وتوضيح موقفهم، وذلك ليس بغريب عليهم .. ولكنني لم أقصد في مقالي وزارة المالية بذاتها، وقصدت طول الإجراءات في المعاملات الحكومية عموما، حيث لا يقتصر الأمر على صرف المستحقات المالية للمقاولين التي اتخذتها مثالا فقط .. ولتوضيح المثال بشكل أدق ''هناك مقاول أو مورد في إحدى القرى مثلا لديه مستحق لمناقصة ما، يتم رفعه إلى المنطقة الإدارية التابعة لها هذه القرية أو المدينة، ومن ثم هذه المنطقة ترفع إلى الوزارة المعنية، ومن ثم الوزارة المعنية ترفع إلى وزارة المالية، وبعدها يتم صرف المستحق لهذا المقاول''، هنا نجد التسلسل الإجرائي الطويل الذي من الطبيعي أن يأخذ من الوقت ما يأخذ كي يتم إنجازه.
وقالت وزارة المالية في ردها أيضا: ''إنه يتم حاليا الربط الآلي بين الجهات الحكومية ووزارة المالية لإرسال أوامر الدفع آليا إلى الوزارة، حيث أكملت أكثر من 40 جهة حكومية عملية الربط، كما أن الوزارة تعمل حاليا على استكمال مركز التصديق الرقمي ''التوقيع الإلكتروني'' بهدف الاستغناء مستقبلاً عن إرسال أوامر الدفع إلى الوزارة''. هذا الأمر في غاية الأهمية ويشكرون عليه وليس بغريب على جهاز وزارة المالية التطوير .. وأنا ذكرت في مقالي: ''أملي في وزير المالية، وهو الخبير البارع، أن يبادر بتبني آلية تلزم بالدفع خلال 45 يوما من تقديم المستخلص، ولتحقيق ذلك يجب أن يرتبط بمنظومة حاسب آلي تكون جميع الإجراءات عن طريقها، وعندها بكل تأكيد سنحقق الهدفين، الأول سيكون هناك تخفيض كبير لتكلفة المقاولين أو الموردين، والآخر أنه سيعطي فرصة لقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة للمنافسة بما يضمن زيادة دورها في الاقتصاد الوطني، والانخفاض الكبير في التكلفة سيعطي وفرا ماليا يمكن استغلاله في مشاريع أخرى''، إذ ذكرت هنا مسألة مهمة جدا تتمحور حول مبادرة تقودها وزارة المالية بتبني إصدار دليل إجرائي واضح ومحدد يهدف لإلزام جميع الجهات ''كل الوزارات والهيئات الحكومية'' بإنهاء كل إجراءات صرف المستخلصات خلال مدة محددة، ولتكن في أقصى حد 45 يوما، ليقيني أن وزارة المالية هي التي تملك القدرات والمؤهلات على تبني مثل هذه المبادرات وتجبر تلك الجهات من خلال مجلس الوزراء على تنفيذها لما للموضوع من حساسية داخلية وخارجية، كما له فوائد سبق ذكرها، حيث إن هناك بعض الأنظمة والإجراءات ما زالت تعيش معنا منذ أكثر من 30 عاما دون أن تتطور أو تتحدث، وحتى الأدلة الإجرائية لهذه الأنظمة ما زالت هي الأخرى في بعض الجهات كما هي، ولم تتحرك خطوة واحدة نحو التطوير، مع أننا نعيش في عصر السرعة والتقنية والمعلومات، في ظل مجتمع أصبح نوعا ما مجتمعا معرفيا مواكبا للتطور الذي نعيشه اليوم.. وباختصار كان مجمل الحديث عن المسلسل الإجرائي الطويل جدا في المعاملات في ظل غياب أدلة إجرائية تبينه وتوضحه للمستفيدين وتلزم جميع الوزارات بتنفيذه. وأنهي بالتأكيد أن وزارة المالية عملت وتعمل بكل جهد وإخلاص لإحداث تغيير جذري وملموس وبما يبني عملاً تراكمياً مؤسساتياً متطوراً، فلهم كل التقدير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي