«ليش» ما اختاروه؟
التعاطي مع القضايا الساخنة في الوسط الرياضي، وأقصد بها تلك التي تغلفها الضبابية والغيوم تحجب شمسها عن السطوع، أمر صعب جداً التسليم فيه برأي والجزم بأنك تملك الحقيقة الكاملة، ومن ذلك ضم اللاعب المؤهل والكفء للمنتخب وإبعاد من ثبت ضعف عطائه وقلة الفائدة منه، فمع كل خروج للأسماء المختارة من قبل المدير الفني للمنتخب تعلو أصوات بالمديح وحُسن الاختيار، بينما أصوات أخرى تذهب بأصواتها بعيداً بأن المجاملة والتحيز قد خيمته ركابها على هذه التشكيلة المختارة.
لماذا لم نعد نقتنع؟ ومن ساهم في ترسيخ مسلمة الشكوك وحتمية تواجدها؟ ليس من الحكمة ولا من منهجية العمل السليم تقصي آراء الجماهير وتحقيقها، فالجماهير في غالبتها عاطفية وتقدم نجوم أنديتها على من سواهم. لكن تكرار مخالفة الرأي السائد في الأسماء المستحقة لارتداء شعار المنتخب يدعو إلى الاستغراب والاستفهام، هل هذا يتم عن قصد؟ هل إثارة أزمة في التشكيلة أمر مقصود؟ فحين نتتبع هذه الظاهرة نجدها تتكرر من محمد نور مروراً بمحمد الدعيع الذي اعتزل وقد حجب اسمه عن المنتخب رغم الحاجة الماسة إليه, والآن القصة تتكرر بكل تفاصيلها، ولكن مع اختلاف الأسماء فعبد الله العنزي حارس مرمى النصر الذي برز اسمه في السنوات الثلاث الأخيرة دخل هذه الدوامة بغير اختيار منه, فهل هو تيرمومتر السخونة القادمة ومحرك الإثارة المصطنعة؟!
الاستغراب مرجعه جدارة تلك الأسماء بتمثيل منتخب بلادها, والهدف من النقاش هو وضع الأشياء في مسارها الصحيح حتى لا تطغى لغة التفسير العاطفية أو الإسقاطات الجماهيرية على هذا القرار أو ذاك، فكرة الثلج حين تكبر لن يستطيع من يريد الإثارة والتلذذ بصخبها إيقافها عن التدحرج بل ربما ناله من خطرها نصيب، فالتشكيك حتى بأوراق اللاعب الوطنية وأنه منع من المنتخب بسبب ذلك أمر مخجل وإسقاط واضح أفرزه التعصب مع عدم مراعاة مشاعر النجم القادم ولا موقف أسرته من ذلك, فمتى تعود كرة القدم لحدود المستطيل الأخضر ونبعد عنها الشطحات المخلة بالصورة الجميلة للمنافسة والتنافس الشريف بين أخوة وبين أبناء الوطن الواحد؟
من يتابع الطرح الإعلامي والتعاطي مع قضايا الرياضة الساخنة يشك بأنه في صراع لم ينقصه البارود، فهو يحتاج إلى من يشعل الفتيل لينفجر بركان الصراعات الشخصية بصورة مقيتة فقط، ننتظر المحكمة الرياضية حتى تفتح أبواب الشكوى الحالية والأخرى بأثر رجعي كي يستقيم الطرح ويعلو الذوق وتزهر الكلمة ويفوح عبق شذاها فتعطر وتغلف الأجواء برائحة الجمال اللفظي كي تكون مرادفة لجمال المعنى لنرسم بعدها أسلوباً أخويا بالتعاطي مع قضايانا الساخنة بشيء من الأريحية والنقاء.