اليوم الوطني .. يوم للمراجعة

لا وطن بلا شعب ولا شعب بلا وطن، هذه حقيقة تاريخية تعرفها الشعوب والأمم عبر تاريخها المديد عدا الشعب الفلسطيني الذي حاول اليهود ومعهم الغرب حرمانه من وطنه، رغم أنه يقيم على أرضه منذ وجد على هذه الأرض. ولحب الناس أوطانهم ولرغبتهم في خدمتها والدفاع عنها وحمايتها من المخاطر ولتعزيز التفاف الناس حول بعضهم وحول وطنهم؛ لذا كل مجتمعات الكرة الأرضية تعمد لإيجاد مناسبات سنوية تكون مرتبطة إما بالدين والعقيدة أو بحدث مهم يجمع على أهميته أهل الوطن.
نحن في المملكة تمر علينا سنوياً مناسبتان جليلتان هما شهر رمضان المبارك والحج، ويكون في نهايتهما عيد الفطر، وعيد الأضحى، هاتان المناسبتان يشاركنا فيهما كل المسلمين في كل أنحاء الأرض، لكن هذا لا يعني عدم وجود أحداث أسهمت في تشكيل هوية هذا الوطن، ويدرك الجميع أهميتها، ألا وهو توحيد المملكة، واستقرار أمنها، وانطلاق حركة البناء، والتطور في كل الميادين العسكرية والمدنية.
في ظني أن توحيد المملكة يفترض أن يكون للمراجعة، والتقويم لمسيرة الثمانية عقود. نقيِّم المسيرة لمعرفة الإيجابيات، ونبني عليها، ونحدد السلبيات، ونجتنبها، ونعرف أسبابها ونزيلها، الوطن والمواطنون كل واحد إذ لا وطن بلا مواطنين، ولا مواطنين بلا وطن، العلاقة بينهما تعتمد على الواجبات، والحقوق، المواطن واجباته محبة وطنه، والإخلاص في العمل في خدمته، والإخلاص لا يكون بالادعاء، بل بالمحافظة على سمعته وهويته، والمحافظة على ثرواته من مياه، وبترول، ومعادن، والعمل على الترشيد في كل هذه الأشياء؛ لأن الوطن ليس وطن جيل، بل الأجيال القادمة تشاركنا فيه، ومسؤوليتنا أن نسلمه لهم، وهو أقوى، وأفضل مما هو عليه.
الإخلاص يعني أن نحافظ على بيئته في المدن وخارجها، وفي الشوارع والطرقات، الإخلاص يكون حين ننفذ المشاريع بالشكل الذي يليق ببلاد الحرمين، وبلاد ثروة النفط، إذ لا يليق أن تكون شوارعنا وطرقنا بوضع لا يليق بدولة نفطية. الإخلاص يكون باختيار الكفاءات المؤهلة المتميزة بالقوة والأمانة، كما أن الإخلاص يعني حسن تمثيل الوطن خارجه عند السفر سياحة أو عملاً، والإخلاص يقتضي العمل على محاربة كل أشكال الفساد الإداري والمالي، وكذلك محاربة الجريمة أياً كانت، وأيا كان مرتكبها.
الشق الثاني من العلاقة بين الوطن والمواطنين هو الحقوق، فالمواطن له حق إبداء الرأي والمشورة في شؤون الوطن كتابة وتحدثاً، كما أن له حق العيش بكرامة، تتحقق من خلال احترامه وتسهيل سبل العيش له، له حق التعليم المتميز والعلاج بدل أن يضطر إلى البحث عن واسطة تمكنه من دخول المستشفى للعلاج.
من حقوق المواطن أن تتوافر له فرصة العمل بدل أن يعيش عالة على أهله أو الجمعيات الخيرية، كما أن له حق التدريب لاكتساب المهارة التي تؤهله لخدمة وطنه.
بمثل هذه العلاقة تكون المناسبة والتعبير عنها ذات معنى ودلالة، بدل أن تقتصر على أعمال غوغائية تمارس فيها ممارسات تسيء للوطن والمواطن، كما حدث في بعض المدن حين تقفل الشوارع ويُتحرَّش بالمارة. الأمن الذي يعتبر أحد إنجازات الوحدة الوطنية وأحد حقوق المواطن يفتقد في اليوم الوطني، فهل نحول هذا اليوم بفعل تصرفات السفهاء إلى يوم يفتقد فيه الأمن؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي