رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


سأقول الحقيقة: ما الذي جعل إسرائيل مزدهرة؟ (1 من 2)

.. هذا المقال كنت أفكر في كتابته من سنوات، ووضعت فيه فصولا حتى كاد أن يصير كتابا، ولخوف مجهول من نشر مخطوطات كتبي وقفت أيضا قبل أن يكتمل، حتى جاء سؤال الأخ علي جواد عن حقيقة تحليل اليهود قتل الأُمَمي ''أي غير اليهودي''. وسأختصر ما أمكن بمقالين لظني أن الموضوعَ مهم ويجب أن نعيه، أو ربما وُعيَ، وحان وقت الحديث عنه بصراحة - لما اعتقده بإذن الله أنه للنفع العام.
دعوني قبل أن ألجَ لجوهر الموضوع عن نصوص وضعها اليهود الصهاينة في دستورهم الأول ''حكماء صهيون''، والصهاينة اليهود هم الذين عادة يتحكمون بمفاصل إسرائيل السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
تؤمن الصهيونية إيمانا قاطعا وواضحا بأن خير وسيلة لقهر الشعوب والسيطرة على مصائرها هي نشر وتعزيز ودعم الاستبداد السياسي، ودعم وتعزيز الحكم المفرد المطلق. ويرى حكماء صهيون أن الدولة التي يحكمها شخص واحد حكما مفردا أنسب بالنسبة لهم انقيادا وخضوعا لهم، من دولة مرنة متغيرة عصرية تحكمها أنظمة محددة ودساتير مقننة، أو هياكل مؤسسية تتوزع فيها المهمات والتنفيذ والتشريع بين عدة مؤسسات كبرى تشكل أعمدة إدارة البلاد. وذلك أمرٌ منطقي ومعروف للجميع بأن التحكم في فرد يسيّر جماعةً أفضل من التحكم في جماعةٍ تسيّر جماعاتٍ. وهنا نسترجع بعض أمثالنا التي نقولها ونكررها حتى بلت وذبلت من دون وعيٍ حقيقي على مغازيها المهمة، كمثل قصة العجوز الذي جمع أولاده وكسر عصا واحدة بسهولة، ثم لم يستطع أن يكسر حزمة عصيٍّ متضامّة.. الحالةُ الأولى تنطبق تماما على حكم الفرد المطلق، والحالة الثانية تنطبق على الحكم المؤسسي الموزع بالتخصصات والمسؤوليات.
إن السياسة المصلحية واضحة وعنيفة منذ عرف الإنسانُ السياسة، وجاء ''ميكافيللي'' ووضعها في كتابه الأشهر ''الأمير''- The Prince، وكان يوضح السياسة في أخبث حالاتها، ولكن أوضحها. فإن كان الشرير ميكافيللي يستحق أي شكر، فإنا نشكره أنه وضع الأمرَ المعيبَ عيانا جهارا نهارا بلا لبَسٍ ولا ريْبة.
ونُسخ كتاب ''بروتوكولات صهيون'' موجودة، حتى بنسخته الأصلية، لمن أراد أن يعيد ويستعيد، والتي كانت وراءها ''الحركة الصهيونية'' التي أسسها ورأسها ''هيرتزل'' وشهدت أحداثها المدينة السويسرية ''بازل''. ومن تلك النصوص الفاقعة الوضوح والصراحة ما جاء في البروتوكول الأول: ''إن ما يحقق لنا أغراضنا ومصالحنا أن تكون الدولة في قبضة يد شخص واحد لا ند له، وهذا ما سيساعد الحركة الصهيونية على التمدد والتطور والقوة''.
إن من أفضل ما مُنح للإنسان هي ''الإرادة الحرة'' في الاختيار وتقرير المصير، ثم عليه أن يتحمل ما اختار، وهذه منطقٌ عدلي كوني يسع فهمه كل زمان وكل عقل وكل مكان. من دون الحرية أو تسليمها للآخرين بأي حجة أو تبرير أو ظرف، إنما يعني ببساطة مهانة غير قابلة لأي جدل لأنها تساوي.. إلغاء الوجود. لذا امتلأ التاريخ بدماءٍ مضرجة لشعوبٍ وأقوام ماتوا وهم يدقّون أبواب الحرية، أو يريدون استعادتها .. أو الموت دونها. لماذا لأنهم بلا حريتهم لا وجود لهم، فليس لديهم شيء آخر يخسرونه، من خسر حياته فإنه ميْت، ولذا لن يموت أكثر. حرص حكماءُ صهيون لوعيهم على هذه النقطة الحيوية بالذات على تشجيع الحكام الدكتاتوريين في كل مكان على إلغاء الحرية، وفي نص الكتاب في البروتوكول الثاني: ''علينا وبلا تردد عندما نتحكم بالسلطة في العالم أن تقصى كلمة الحرية من كل ذاكرة البشر''. يعني إفناءهم بإلغاء وجودهم. والتحكم بما هو غير موجود بإرادته من أسهل الأمور.
أتابع معكم يوم الإثنين ـــ إن شاء الله ــــ ليكون حديثنا، كيف ازدهرتْ إسرائيل؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي