أمريكا مستمرة في تقليص وارداتها من النفط الخام
إن استمرار ارتفاع إنتاج النفط من طبقات الرمال المحكمة Tight Oil الغنية بالنفط في حوض باكن Bakken في ولاية داكوتا الشمالية، ومن طبقات السجيل الغازي الغنية بالنفط في ولاية تكساس أدى إلى تقليص واردات الولايات المتحدة من النفط الخام خلال النصف الأول من هذا العام، لكن ليس جميع موردي النفط إلى الولايات المتحدة يشعرون بوطأة هذا التراجع بالطريقة نفسها. إنتاج النفط من طبقات الرمال المحكمة عادة ما يكون من النوع الخفيف منخفض الكبريت ''الحلو''، ما يعني أن استيراد الأسواق الأمريكية من هذا النوع من النفط قد تقلص إلى حد كبير، خصوصا من منتجي النفط الخفيف الحلو في غرب إفريقيا، الذين بدأوا بالفعل البحث عن أسواق جديدة.
لقد أظهرت بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية أن واردات النفط الأمريكية من نيجيريا، أنجولا، ليبيا والجزائر قد بلغت في المتوسط نحو 650 ألف برميل يوميا في النصف الأول من عام 2013، بانخفاض يقدر بنحو 210 آلاف برميل في اليوم على أساس سنوي، وبانخفاض يقدر بنحو 70 في المائة عن المستويات التي كان عليها قبل الركود الاقتصادي وقبل الطفرة في إنتاج النفط الصخري في عام 2007.
هذا يعكس جزئيا التوسع الكبير في البنية التحتية الذي شهده الربع الأول من العام، الذي سمح للمصافي الأمريكية من الاستفادة الكاملة من البنية التحتية لخطوط السكك الحديدية التي ساعدت في إيصال النفط الصخري من حوض باكن Bakken في ولاية داكوتا الشمالية إلى سواحل الخليج حيث تتركز المصافي الأمريكية العملاقة. لكن مع استثناء النفط الليبي والأنجولي، كانت واردات الولايات المتحدة في شهر حزيران (يونيو) من خام غرب إفريقيا لا تزال أقل بكثير من مستويات شهر كانون الثاني (يناير)، على الرغم من تقلص الفجوة بين أسعار خام غرب تكساس الوسيط وخام بحر الشمال برنت من المستويات العالية التي كانت عليها في الأشهر الأولى من العام.
يتوقع المحللون أن يستمر هذا الاتجاه مع التوسع في طاقات خطوط الأنابيب التي تنقل النفط الصخري من حوض باكن Bakken في ولاية داكوتا الشمالية ومن ولاية تكساس إلى موانئ ومصافي ساحل الخليج، حيث إن طاقات خطوط الأنابيب التي من المتوقع أن تضاف بين ولاية تكساس وحدها وسواحل الخليج قد تصل إلى نحو 600 ألف برميل في اليوم خلال النصف الأول من عام 2014. إضافة إلى ذلك، الفجوة بين أسعار الأسواق الآنية لخام غرب تكساس الوسيط وخام بحر الشمال برنت بعد أن تقلصت إلى ما دون 2.5 دولار للبرميل في شهر تموز (يوليو)، عادت واتسعت حيث وصلت الأسبوع الماضي إلى نحو 7.0 دولارات للبرميل.
إن العوامل التي أثرت سلبا في واردات النفط من غرب إفريقيا هي نفسها التي عملت على خفض واردات النفط المتوسط العالي الكبريت ''الحامضي''، حيث إن المصافي الأمريكية تقوم بشكل متزايد بمزج الخام الكندي الثقيل الحامضي مع الخام المحلي الخفيف الحلو. في هذا الجانب تشير بيانات إدارة معلومات الطاقة الأمريكية إلى أن واردات النفط المتوسط الحامضي من البرازيل انخفضت بنسبة 63 في المائة في النصف الأول من العام على أساس سنوي إلى 99 ألف برميل في اليوم، في حين أن واردات النفط الحامضي العراقي انخفضت بنحو 70 ألف برميل في اليوم إلى نحو 400 ألف برميل في اليوم في الفترة نفسها. في المقابل عززت كندا من صادرتها من النفط الثقيل الحامضي إلى الولايات المتحدة، حيث شحنت في النصف الأول من العام نحو 2.54 مليون برميل في اليوم، بزيادة تقدر بنحو 100 ألف برميل في اليوم على أساس سنوي وارتفاع بنحو 660 ألف برميل في اليوم مقارنة بالنصف الأول من عام 2007. في الوقت نفسه انخفضت واردات الولايات المتحدة من النفط الثقيل الفنزويلي في النصف الأول من العام بنحو 66 ألف برميل في اليوم في المتوسط على أساس سنوي إلى 725 ألف برميل في اليوم.
في المقابل ظلت واردات النفط الأمريكية من المملكة العربية السعودية قوية في النصف الأول من هذا العام عند 1.2 مليون برميل في اليوم، بانخفاض بنحو 250 برميلا في اليوم على أساس سنوي. إن مستويات الواردات الأمريكية المنخفضة في الربع الأول من العام هيمنت على بيانات النصف الأول إلى حد ما، حيث إن صادرات المملكة إلى الولايات المتحدة في شهر حزيران (يونيو) كانت أكثر من 1.4 مليون برميل في اليوم. تظهر البيانات الأولية إلى أن الواردات من المملكة ظلت ثابتة منذ ذلك الحين، لكن المملكة من المتوقع أن تواجه منافسة على حصتها في السوق الأمريكية في العام المقبل من قبل كندا، مع إضافة 1.15 مليون برميل في اليوم إلى طاقات خطوط الأنابيب بين منطقة التداول ومركز التخزين في كوشينج بولاية أوكلاهوما ومرافق التكرير المعقدة على ساحل الخليج.
إضافة إلى ذلك من المتوقع أن تضاف على الأقل 600 ألف برميل في اليوم إلى طاقات خطوط الأنابيب بين منطقة كوشينج بولاية أوكلاهوما ومناطق الإنتاج كندا، إضافة إلى طاقات جديدة من قاطرات السكك الحديدية. نظرا للنقص الكبير في طاقات خطوط الأنابيب، فإن معظم النفط الكندي يصل فقط إلى مراكز التكرير في الوسط الغربي الأمريكي، لكن من المتوقع أن ترتفع كميات النفط الكندي الواصلة إلى ساحل الخليج بصورة كبيرة، ما قد يهدد تفوق منطقة الخليج العربي، خصوصا المملكة على واردات الولايات المتحدة. لمواجهة هذا التحدي عمدت شركة أرامكو السعودية وشركة شل الهولندية إلى توسيع طاقة مصفاة موتيفا المشتركة بينهما من 325 إلى 600 ألف برميل في اليوم، الأمر الذي من المتوقع أن يدعم زيادة الواردات من السعودية.