توفير وظائف لأحفادنا .. خططوا للمستقبل
تحدثت في الأسبوع الماضي حول حلمنا بأن تحتضن المدينة المنورة صناعة التعليم والتدريب، حيث تناول الكثير هذا الموضوع، وأصبح يدور حوله عديد من المناقشات.. وهذا شيء جميل.. لكن ما نأمله هو أن يتحول هذا الحلم إلى واقع يستفيد منه أبناء الوطن.
ما سأتحدث عنه اليوم لا يبتعد كثيرا عن مقالي السابق، فهذا وذاك كلاهما يتحدث عن المستقبل وآليات التخطيط بعيدة المدى.. ففي ماليزيا على سبيل المثال، وضع المسؤولون عن التخطيط خططا بعيدة المدى، وها هم اليوم يجنون ما زرعوه، فقد وضعوا على سبيل المثال أيضا أن تكون لديهم صناعة للدكتوراه في مختلف العلوم، وبنوا استراتيجية محددة لذلك، وآليات تطبيق وقياس، بالإضافة إلى إقرارهم إنشاء هيئة منظمة للنظم الجامعية، حيث كان عدد طلبة الدكتوراه لديهم في عام 2002 يبلغ نحو 4079 طالبا، بينما بلغ عددهم في عام 2011 نحو 31544 أي بمعدل ارتفاع يصل إلى 100 في المائة في كل عام، كذلك كان يبلغ عدد الطلاب الأجانب في عام 2000 نحو 26569 طالبا، ووصل في عام 2011 إلى نحو 91670 طالبا في مختلف التخصصات.. هذا الإنجاز الذي حققه الماليزيون خلال أعوام معدودة يدعونا إلى تساؤل مهم وجوهري يتمحور حول دور وزارة التخطيط لدينا وما أنجزته منذ إنشائها حتى وقتنا الراهن؟
اليوم الجميع يطالب وزارة العمل على سن الأنظمة، التي تعمل على إحلال السعوديين، وهذا في الأساس واجب على وزارة العمل، ولكن لو لاحظنا وتابعنا ذلك نجد أن دورها يحدد في الأمد القصير وليس البعيد المنوط بوزارة التخطيط التي عليها الدور الأكبر والرئيس من خلال رسم خريطة طريق بأهداف محددة، تحقق إيجاد الوظائف ذات الدخل المرتفع وخلال مدة محددة، بما يتطلبه التحقيق من جودة أنظمة التعليم، خصوصا العلوم والرياضيات، وصولا للتعليم المتميز في الإدارة، ولا ننسى تطوير موظفي الحكومة من خلال التدريب، إلى جانب تطوير قدرات الموهوبين والحفاظ عليهم، حيث يتطلب ذلك توفير أحدث آليات التكنولوجيا، وجميع الوسائل الدافعة لوجود البحث العلمي، باختصار وزارة العمل دورها إحلال الوظائف ووزارة التخطيط توفير الوظائف.
إن أهدافنا في البناء والتنمية وغيرها من المجالات لا ينبغي لها أن تستهدف المدى القريب فقط، بل يجب أن تكون هناك نظرة بعيدة، نظرة وطن، لتؤتي ثمارها، وفق آليات وخطط طموحة يعمل المسؤولون على تنفيذها، وليس وضع هذه الآليات والخطط، وفقا للمسؤولين أنفسهم الذين إذا تركوا مناصبهم أو أقيلوا أو تقاعدوا، أصبحت هناك آليات جديدة يضعها المسؤول الجديد، ومن ثم نعود إلى نقطة البداية من جديد، كما أننا نحتاج إلى وقفة جادة لوضع خطط وآليات ثابتة، وفقا لما يحتاج إليه الوطن، ويتماشى مع أولوياته، ويعمل على تنفيذها المسؤولون، وليس إصدار أنظمة وقوانين وخطط تتزامن مع المسؤول الجديد، وتنتهي مع انتهاء فترة عمله، إذ إننا لا بد أن نعمل، وفق استراتيجيات واضحة المعالم ومحددة الأهداف في جميع المجالات يعمل على تنفيذها المسؤولون ويتابع تنفيذها المسؤولون الجدد، ونجعل منها خريطة طريق لتلافي أي عوائق تواجه مسيرة أعمالنا وتنميتنا، ولا نعود إلى نقطة البداية مع تولي مسؤول لمنصب جديد.. وهنا أتمنى أو أحلم أن تكون الفترة الأولى لنا في أي مجال كان، فترة تأمل ودراسة وتعرف للواقع، ومن ثم تحديد أهداف قصيرة المدى ومتوسطة وأخرى طويلة المدى، وتكون منطلقة ومتواكبة مع استراتيجيات الوطن المقرة مسبقا، ومن ثم تحديد ماهية الموارد المطلوبة لتحقيقها، وعند إقرارها من المرجعية العليا بعد أن مرت بقنوات الدراسة والتوصية، وتعلن للجميع كخريطة طريق ضمن فترة زمنية موصوفة.. ولتكن محاسبتنا جميعا للمسؤول من خلال ما أقر وأعلن، ليرتاح هو ويرتاح المواطنون ويزدهر الوطن.