رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


سياسات تغير المناخ الصارمة قد تهز أسواق النفط

إن الجهود التي يبذلها صناع القرار في العالم للتصدي لظاهرة ''تغير المناخ'' تميل في الوقت الحاضر إلى التركيز على قطاع توليد الطاقة الكهربائية وبالتحديد على المنافسة بين الفحم، الغاز ومصادر الطاقة المتجددة، ويعود السبب في ذلك جزئيا إلى صعوبة التعامل مع إزالة الكربون من قطاع النقل والمواصلات. لكن النفط قد تأثر فعليا بسياسات تغير المناخ، من المحتمل أن يتضرر أكثر فيما إذا كانت هذه السياسات أكثر صرامة، ويتوقع بعض المحللين أن يكون لهذه السياسات تداعيات كبيرة على الطلب العالمي على النفط والأسعار. واحدة من هذه التداعيات قد تكون زيادة الفجوة بين أسعار النفط العالمية والأسعار التي يتحملها المستهلك النهائي، خصوصا في الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية التي يفرض الكثير من دولها حاليا ضرائب عالية جدا على أسعار المنتجات النفطية. سياسات تغير المناخ الحالية بخصوص النفط تتضمن تحسين كفاءة المركبات والتوسع في استخدام الوقود الحيوي، في حين أن السياسات المستقبلية المحتملة للدفع بخفض الانبعاثات بصورة كبيرة جدا قد تتضمن فرض ضرائب إضافية تعرف بـ ''ضريبة الكربون'' أو فرض سياسات مماثلة، ما قد يؤثر في جميع أنواع الوقود الأحفوري.
إن السياسات الحالية واتجاهات الأسواق قد تتمكن من خفض كثافة استخدام النفط في الاقتصاد العالمي ''كمية النفط المستخدمة لكل دولار من الناتج المحلي الإجمالي'' إلى النصف بحلول عام 2035، حسب السيناريو الأساسي ''سيناريو السياسات الجديدة'' لوكالة الطاقة الدولية. حيث يشير تقريرها الذي نشر في العام الماضي عن توقعات الطاقة العالمية إلى أن الطلب على النفط من المتوقع أن ينمو بمعدل 23 في المائة فقط للفترة من عام 2010 إلى 2035 أو بمعدل 0.5 في المائة سنويا، حتى مع زيادة الناتج المحلي الإجمالي في العالم إلى أكثر من الضعف أو بمتوسط معدل نمو سنوي 3.5 في المائة. معايير الاقتصاد في استهلاك الوقود تشمل برامج الولايات المتحدة لتحسين معايير اقتصاد وقود المركبات أو ما يعرف بـ ''كافي'' CAFE، تهدف هذه البرامج إلى مضاعفة أداء السيارات الجديدة إلى 54.5 ميل للجالون الواحد بحلول عام 2025، هناك برامج مماثلة في أوروبا والصين. في هذا الجانب أشار تقرير صدر أخيرا عن بنك سيتي جروب الأمريكي إلى أن تحسين معايير الاقتصاد في استهلاك الوقود سيؤدي إلى اقتطاع نحو 3.8 مليون برميل في اليوم من الطلب العالمي على النفط بحلول عام 2020 مقارنة بالسيناريو المرجعي للبنك، يضيف التقرير إلى أن استبدال النفط بالغاز في قطاع النقل سيؤدي إلى استقطاع 3.5 مليون برميل في اليوم إضافية، ما قد ينتج عنه استقرار الطلب العالمي على النفط عند مستوى 91 مليون برميل في اليوم فقط في وقت لاحق من هذا العقد، ارتفعا من نحو 89 مليون برميل في اليوم في عام 2012. على رأس سياسات تغيير المناخ الحالية يأتي الإعلان عن تدابير خاصة مثل الأهداف الوطنية للحد من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري بموجب اتفاق كانكون لعام 2010 ومبادرة مجموعة العشرين للتخلص التدريجي من إعانات الوقود الأحفوري غير الكفء.
الخطوات المستقبلية المحتملة لسياسات تغيير المناخ تتمحور بصورة رئيسة كما أسلفنا حول تسعير الكربون، من خلال فرض ضريبة أو عن طريق آلية سوق السقف والتجارة cap-and-trade market، ربما مرتبطة مع معايير الانبعاثات في قطاعات محددة، إن تأثير هذه التدابير في أسواق النفط سيعتمد بالدرجة الأولى على مدى الجدية التي سيعتمدها العالم في التعامل مع قضية تغير المناخ. في دراسة صدرت حديثا عن المركز الدولي للبحوث حول البيئة والتنمية ومقره باريس أشار المركز إلى أن سعر الكربون بين 60 إلى 80 دولارا للطن من شأنه أن يؤدي إلى تحقيق استبدال كاف في قطاعات توليد الطاقة الكهربائية، السكنية والصناعية لتحقيق أهداف الانبعاثات حتى حوالي عام 2040، في الوقت نفسه ستعمل على الحد من الطلب العلمي على النفط، الذي تتوقع أن يصل إلى ذروته بين 90 و100 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2025. وتشير الدراسة أيضا إلى أنه ستكون هناك حاجة إلى رفع أسعار الكربون فوق 100 دولار للطن الواحد بعد عام 2040 لتحفيز بدائل الطاقة ذات التكلفة العالية في قطاع النقل، مثل السيارات التي تعمل بالهيدروجين، هذه الأسعار قد تؤدي إلى خفض الطلب العالمي على النفط إلى ما يقرب من 75 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2050، على حد قول المركز.
مع سياسات تغير المناخ الصارمة، فإن تكلفة النفط على المستهلكين ستكون مدعومة بأسعار الكربون المفروضة، في حين أن أسعار النفط الخام قبل فرض ضريبة الكربون سوف تحددها آليات أسواق النفط العالمية بما في ذلك استراتيجية منظمة أوبك الإنتاجية. في هذا الجانب يشير المركز الدولي للبحوث حول البيئة والتنمية إلى أن أسعار النفط للمستهلكين قد تصل إلى 140 دولارا للبرميل ''بأسعار اليوم'' في عام 2035 و170 دولارا للبرميل في عام 2050 مدعومة بضرائب الكاربون العالية.
الدول المصدرة للنفط على رأسها دول منظمة أوبك، من جانبها سيكون لديها خياران، إما خفض الإنتاج والمحافظة على العائدات عند أسعار أعلى من 100 دولار للبرميل، مع خطر تشجيع البدائل مثل مصادر النفط غير التقليدي أو الوقود الاصطناعي، أو أنها قد تسمح بانخفاض الأسعار بشكل هامشي دون تكلفة إنتاج تلك البدائل وعدم تشجيع المنافسة.
في هذا الصدد يشير بعض المحللين إلى أسعار النفط قرب 50 دولارا للبرميل أو نحو ذلك قد تكون مفيدة أيضا في إعادة توجيه الجهود نحو تقليل استخدام الفحم في الأسواق الناشئة، في الوقت نفسه تحافظ على حصة النفط في قطاع النقل.
إن هذا المستوى من الأسعار يتماشى بشكل كبير مع التقارير الصادرة أخيرا عن بنك الاستثمار إتش إس بي سي HSBC ووكالة التصنيف ستاندرد آند بورز Standard & Poor-S&P بشأن تأثير سياسات المناخ في شركات النفط الكبرى. حيث قام بنك إتش إس بي سي بتقييم تأثير سعر خام برنت عند 50 دولارا للبرميل في احتياطيات وقيم شركات النفط الكبرى، في حين اختبرت وكالة التصنيف ستاندرد آند بورز سيناريو انخفاض خام برنت إلى 65 دولارا للبرميل بحلول عام 2017. في كلتا الحالتين، ستستمر المشاريع النفطية قيد التطوير حاليا كما هو مخطط لها، لكن ستتم إعادة النظر في قرارات التطوير على نطاق واسع على الاستثمارات الجديدة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي