ساهر البشري وساهر التقني
العيون الساهرة مصطلح طالما سمعناه في إشارة إلى رجال الأمن في القطاعات كافة بلا استثناء، وذلك نظراً للدور الذي يقوم به هؤلاء الرجال في الحفاظ على أمن الوطن والمواطن. لو تأملنا من الناحيتين النفسية والتربوية في الدور الذي يقومون به، لوجدنا أنه عملية ضبط للسلوك بهدف توجيه السلوك بما يتناسب مع الأنظمة، وبما يحافظ على مصالح الأفراد والمجتمع بشكل عام. في السابق كان الاعتماد بشكل رئيس على الإنسان للقيام بهذه المهمة بكاملها لكن مع التقدم التقني أصبحت التقنية تقوم بجزء من هذه المهمة، فالكاميرات وأجهزة الصوت للحركة والصورة أصبحت منتشرة ومعمولا بها في كل أنحاء العالم، إذ تنتشر في الطرقات والأسواق وداخل المتاجر، وفي أماكن التجمعات كالملاعب الرياضية، والمتنزهات، ومحطات القطار، وفي المدارس، والجامعات.
نحن في المملكة بدأنا نستخدم التقنية كوسائل مُعِينة لرجال الأمن في ضبط السلوك، ومن أبرز ما تم تفعيله خلال السنوات الماضية، وحصل حوله أخذ ورد ونقاش من قبل الكتاب والناس في المجالس بين مؤيد ورافض، هو ''ساهر''، وذلك بهدف الحد من سلوك القيادة المتهورة خاصة السرعة، علماً بأن ممارسات القيادة الخاطئة ليست محصورة في السرعة، بل هناك الكثير من الممارسات الخاطئة، التي يترتب عليها حوادث جسيمة مثل تحويل المسار من جهة إلى أخرى بصورة مفاجئة، ودون استخدام الإشارة، أو التوقف المفاجئ، خاصة من قبل سائقي الليموزين، أو الوقوف في عرض الشارع من قبل أصحاب سيارتين يتحدثان، أو الوقوف في المنحنيات، وغيرها وهذه لا أعتقد أن ''ساهر'' أو أجهزة التقنية قادرة على رصدها ومعاقبة أصحابها، لذا فرجل المرور لا بد من قيامه بواجبه الذي لا تقوم به التقنية، حتى نحد من الأخطار المترتبة عليها.
في شأن السرعة يبدو أن ''ساهر'' بدأ يفقد دوره، خاصة على الطرق السريعة، إذ إن حيل الخداع بدأت تزاول من قبل البعض وبصورة مكشوفة، حيث نرى على الطرق السريعة من يقوم بتغطية اللوحات ويقود سيارته بصورة جنونية حتى يخيل إليك أنك في حلبة سباق سيارات، ولست في طريق عام يشاركك فيه آخرون، ولست وحدك الذي تسلكه. والغريب أن من يخفون لوحاتهم يفعلون هذا الشيء بالقرب من نقاط التفتيش إذ عند إقبالهم على نقطة التفتيش يزيلون الغطاء وبعدها مباشرة بمائة متر أو أقل يعيدونه.
السؤال أين المرور من هذه الممارسات الخاطئة؟ وهل من الممكن إعطاء صلاحية محاربة هذه الممارسة على طول الطريق، خاصة طرق المسافات الطويلة لرجال أمن الطرق، حيث يكونون موجودين على الطرق السريعة، أم أن الأمر يتطلب انتشار سيارات مرور على الطرق السريعة؟ إذا تعذر إيكال المهمة لرجال أمن الطرق رغم أني لا أرى ذلك، يمكن تكليف مرور البلدات والمدن الواقعة على الطرق السريعة لتغطية مسافة من الطريق السريع قبل وبعد البلدة، وهكذا يقوم مرور البلدة الأخرى لنضمن تغطية معظم الطريق.
ألاحظ أن نقاط التفتيش توقف بعض السائقين عند نقطة التفتيش لكن لم ألاحظ أن سيارة أمن طرق أوقفت سائقاً لسرعته رغم أنهم يمرون عليهم وهم يقودون سياراتهم بسرعة جنونية.
ساهر البشري لا بد من وجوده، ولا يمكن الاعتماد على ساهر التقني، فحياة الناس وممتلكاتهم لا بد من حمايتها بدلاً من تركها لأناس يخالفون النظام ويتعمدون التحايل عليه ويسرعون سرعة جنونية تعرض الآخرين لمخاطر جسيمة.