فكرة المشاريع المؤقتة .. آن نبذها
قدر لي خلال إجازة عيد الفطر المبارك أن ألتقي في مناسبة اجتماعية أحد زملاء المهنة السابقين في الجامعة، الذي انتقل للعمل في إحدى الجامعات الجديدة في إحدى المحافظات، ودار الحديث بيننا حول جامعته الجديدة والجديد فيها، وتطرق الحديث إلى مباني الجامعة، حيث أفاد بأن معظم مباني الجامعة مستأجرة، لكن الجامعة بدأت في المباني الدائمة، وفي الوقت ذاته تقوم بعمل أبنية مستعجلة ومؤقتة لأن المباني الأساسية قد تأخذ وقتاً حتى يتم الانتهاء منها.
هذا الحديث ذكرني بمصطلح دائماً يتردد ألا وهو المشاريع المؤقتة، وقد برز هذا المصطلح أيام الطفرة الأولى في التسعينيات الهجرية في القرن الماضي، حيث مع كثرة المشاريع وكثرة العمالة التي جاءت من بلدانها للعمل في مشاريع الدولة، ما ترتب عليه مشكلات في السكن والطرق، والمدارس، والذين عاشوا في الرياض تلك السنوات يتذكرون الزحام الشديد في الشوارع، لذا جاءت فكرة الجسور المؤقتة لفك الاختناقات التي تشهدها الشوارع، كما أن وزارة التربية والتعليم (المعارف سابقاً) سارعت هي الأخرى إلى إيجاد مبان مدرسية جاهزة، لسرعة إنجازها لكن لم يقدر لها الاستمرار كثيراً وأصبحت أثراً بعد عين، ولم يعد لها وجود رغم أنه أنفقت عليها أموال طائلة، وامتدت فكرة المشاريع المؤقتة إلى السفلتة، حيث طرحت البلديات فكرة السفلتة المؤقتة، والجميع يدرك الآثار الإيجابية والسلبية للمشاريع المؤقتة في الجانبين المادي والاقتصادي، إذ قد تكون حلت مشكلة بالجسور المؤقتة، لكن ماذا قد تكون فعلت من حلول المباني الجاهزة للمدارس التي أخذت الكثير من ميزانية الدولة؟
أطرح هذا الموضوع ليس بهدف استعراض تاريخ التنمية، أو جانب منه، لكن لمعرفة التفكير الإداري والتنموي الذي قد يتأثر في كثير من الأحيان بالظروف التي يعيشها المجتمع، وهذه الظروف تفرض مثل هذا التفكير بهدف إيجاد حل، أو حلول مؤقتة يتجاوز فيها المسؤول أو الجهة المعنية الوضع الذي يمر به. قد أفهم إيجاد جسور مؤقتة كما حدث في سنوات الطفرة الأولى، لكنه يصعب فهم السفلتة المؤقتة التي لا تزال قائمة، كما أن إيجاد مبانٍ مؤقتة في جامعة قد يكون حلاً لظروف صعبة بهدف إيجاد قاعات دراسية أو معامل أو صالات رياضية، وذلك لكثرة الطلاب الذين يقبلون، كما أنه لا يمكن الطلب من الطلاب البقاء في المنازل وترك الدراسة، إذ لا بد من إيجاد الحلول.
السؤال الأساسي في هذا الموضوع: هل المباني أو المشاريع المؤقتة مجدية؟ وما الخيارات المتاحة بدلاً عنها إن كانت غير مجدية؟ في ظني أن المؤقت في بعض المشاريع مجدٍ ويحل مشكلة طارئة، لكنه يكشف أن لدينا عدم استشراف للمستقبل وسوء تخطيط، لذا يلجأ إلى مثل هذه المشاريع، فعدم توظيفنا المعلومات والبيانات بشأن النمو السكاني، وعدد الخريجين، ونمو المدن وتوسعها يحدث مفاجآت تربك الجهات الرسمية، ما يجعلها تقدم على المشاريع المؤقتة، السفلتة المؤقتة أعتقد أنها ليس لها داع وضررها كثير ومكلفة من الناحية المادية، فسفلتة الشارع مؤقتاً ثم إعادة سفلتته فيما بعد يترتب عليها الكثير من التكاليف المادية، إضافة إلى إزعاج الساكنين والمارة، وتوجد منتجاً رديئاً.
إن فكرة مشروع مؤقت في حد ذاتها مؤذية، وتوحي للجهة المستفيدة، والمقاول المنقذ، والعامل الذي يعمل على المشروع بعدم جدية المشروع، لذا تكون النتائج والمشاريع حسب الاسم .. فهل ننبذ هذه الفكرة من تفكيرنا الإداري لنجعل من مشاريعنا أكثر جودة ومتانة؟