شركات إدارة المشاريع الحكومية.. هل يمكن تبنيها؟
قرأت في وقت سابق إعلانا عن مناقصة لإحدى الجهات الحكومية تتضمن إنشاء وتنفيذ مشروع موحد لتطوير البنية التحتية لمباني تلك الجهة، حيث نشرت في الإعلان ذاته الشروط الخاصة بدخول مناقصتها وقيمة تسلم الشروط والمواصفات، إلى جانب موعد تقديم العطاءات، وموعد فتح المظاريف، وموقع تلك الجهة الحكومية، أي أن الإعلان شامل لكل ما يتطلبه طرح المناقصات الحكومية.. لكن وأنا أقرأ هذا الإعلان تبارى إلى ذهني كم شركة سيؤهلها التصنيف المهني للدخول والتنافس على هذه المناقصة ومثيلاتها من المناقصات الأخرى؟ و ما ينطبق على هذا الإعلان ينطبق على المشاريع الكبيرة المنفذة من قبل مؤسسات وشركات كبيرة، كشركة أرامكو السعودية، وشركة سابك، والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة، والشركة السعودية للكهرباء، وشركة معادن؟ ذلك كله ونحن نسمع ونرى تعثر الكثير من المشاريع، وتذمر الكثير من الجهات من قلة وعدم توافر المقاولين، خصوصا نحن نعيش فورة في حجم وعدد المشاريع التي يتم تنفيذها أو المراد تنفيذها في جميع مناطق المملكة.. لذا أقترح أن تتبنى الدولة سياسة تقسيم المشاريع لأحجام صغيرة، ويكون قرارا ملزما لجميع الوزارات والهيئات الحكومية والشركات التي تملك فيها الدولة نسبة 51 في المائة، وكذلك الشركات الممولة من صناديق التمويل الحكومية كافة، وأن تكون إدارة تنفيذها من قبل شركات إدارة المشاريع، وأن تتبنى وزارة المالية من خلال أجهزتها الاستثمارية التأسيس والمشاركة في تلك الشركات بالشراكة مع الشركات العالمية التي تمتلك الخبرة والتأهيل للاستفادة من تجاربها وخبراتها، وكذلك لا بد على القطاع الخاص أيضا أن يؤسس مثل تلك الشركات أو يسهم فيها، شريطة أن تكون هذه سياسة الدولة في هذا المجال، وأن يكون هناك ربط مع وزارة العمل من خلال إلزام تلك الشركات بتوظيف السعوديين ضمن فترة محددة تضمن انتقال الخبرة لهم، حيث إنه في حالة تطبيق هذه السياسة سيتحقق الكثير من تنفيذ المشاريع في أوقاتها وضمان عدم تعثرها.. ولا يمنع ذلك من الاستفادة في هذا المجال من تجربة شركة أرامكو السعودية في تنفيذ مشاريعها، ونقل تجربة هذه الشركة إلى الجهات الحكومية الأخرى، من خلال تكوين لجنة حكومية خاصة تعمل على دراسة هذه التجربة وآليات تنفيذ شركة أرامكو السعودية للمشاريع، وطريقة متابعتها ومحاسبتها لمقاوليها، وصولا إلى طريقة الصرف المتبعة لديها، ومن ثم إعطاؤها الصلاحية لوضع خريطة طريق حول هذا الجانب، وعرضها على مجلس الوزراء، وبالتالي تكون هذه الخريطة دستورا لتنفيذ مشاريع الدولة وصيانتها، لتنتهجه بدورها جميع الجهات الحكومية على تنوعها ومختلف تخصصاتها، فشركة أرامكو هي في نهاية المطاف شركة سعودية، والسواد الأعظم من قياداتها وموظفيها هم من أبناء المملكة، والاستفادة من تجربتها ليس عيبا أو تقصيرا من الجهات الأخرى، إنما هو سعي لتقديم الأفضل والاستفادة منه. ذلك من جانب، ومن الجانب الآخر وهو الأهم، إعطاء الفرصة الكاملة لخلق المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في قطاع المقاولات وسبق أن استعرضت أهميتها للاقتصاد بصورته الكبرى ودوره في خلق الوظائف.
ولتحقيق ذلك أقترح أن يتبنى من المجلس الاقتصادي الأعلى وبمشاركة من وزارات المالية والعمل والتجارة والصناعة والشركات الكبرى كـ ''أرامكو'' و''سابك''، والمهتمين من القطاع الخاص.