رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الإعفاءات «الرسومية» لرواد الأعمال

على الرغم من مكانة أهمية الاستثمار في تأسيس وتشغيل وتطوير الشركات الصغيرة والمتوسطة لأهميتها في استيعاب القوى العاملة الوطنية من ناحية، وأهميتها في تطوير شركات كبرى في جميع القطاعات بمرور الزمن، وأهميتها في توفير الخدمات والمنتجات بأسعار معقولة وجودة مناسبة من ناحية أخرى، إلا أن الشباب السعودي ما زال عازفاً عنها رغم جهود الدولة في تأهيله في كل المجالات بما في ذلك المجالات المهنية التي تغص بالمستثمرين الوافدين تستراً، ورغم برامج الدعم التمويلية حيث ما زال الشباب السعودي يسعى للعمل في وظيفة حكومية تحقق له دخلاً مستقراً وآمناً.
أكثر من شاب تراجع عن الاستثمار في الأعمال الصغيرة والمتوسطة وأصبح يبحث عن وظيفة حكومية بعد أن عانى معاناة كبيرة مع جميع الأجهزة الحكومية ذات الصلة ''التجارة، الغرفة التجارية، وزارة العمل، البلدية، الجوازات، الوزارة المعنية بنوع النشاط''، حيث التأخير والتكاليف العالية والمفاجئة والتعسف في استخدام السلطة لأهداف غير نظامية بقصد الحصول على رشا أو منافع غير مستحقة ما جعلهم يدخلون في خسائر وحالة من التذمر والإحباط، ما دفعهم للعودة للبحث عن فرص وظيفية في الحكومة والاستثمار المريح في الأراضي الذي لا يتطلب أكثر من بطاقة الأحوال للتسجيل والإفراغ دون رسوم أو ضرائب.
بعد أن سمعت أسباب عزوف الشباب السعودي والهروب من الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة، وسمعت قصص من لا يزال يعاني من استثمار حيث تعلق في الوسط فهو لا يستطيع الانسحاب فيخسر ما أنفقه ويخشى الاستمرارية فيخسر المزيد، أقول بعد أن سمعت ذلك تذكرت فكرة الإعفاءات الضريبية للمستثمرين الأجانب في سنوات الاستثمار الأولى تشجيعاً لهم للاستثمار في المجالات الحيوية وفي المناطق التي يتطلب تنميتها اقتصادياً جذب الاستثمارات الأجنبية، وفيما إذا كان بالإمكان إصدار نظام للإعفاءات ''الرسومية'' لأصحاب مبادرات الأعمال من الشباب السعودي لتحفيزهم وتشجيعهم للاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة لتفعيل مسار التشغيل الذاتي كأحد مسارات معالجة البطالة من ناحية وتفعيل مسار التنمية الاقتصادية وتوليد الوظائف من ناحية أخرى.
أعتقد أنه حان الوقت أن نأخذ شكوى المستثمرين الشباب بجدية كبيرة، وأن نخرج من حالة طرفي قضية إلى حالة شراكة بين الأجهزة الحكومية والمبادرين بالأعمال، وتكليف مكتب دراسات استراتيجية لإعداد صيغة تحقق ما يصبو إليه الطرفان من أهداف والذي يصب في محصلته في تحقيق أهداف التنمية الوطنية لإيجاد صيغة دعم متكامل لا تقتصر فقط على صيغة الدعم الإرشادي والتمويلي بل إلى الدعم المعنوي والتحفيزي كما هو الحال مع المستثمرين الأجانب على أن يكون الدعم والإعفاءات متنوعة حسب نوع الاستثمار وحجمه وموقعه وعدد العاملين من المواطنين في المشروع وغير ذلك من العناصر المهمة لتحقيق مصلحة المستثمر وإنجاح مشروع ومصلحة الوطن.
الجهة المسؤولة عن ملف تحفيز رواد الأعمال الشباب ولتكن ''هيئة الاستثمار'' بالتعاون مع وزارة التجارة ومجلس الغرف التجارية، حيث إن الهيئة لها خبرة في نظام الإعفاء الضريبي للمستثمر الأجنبي، وبالتالي يمكن لها أن تقدم خبراتها في الإعفاء ''الرسومي'' للمستثمرين المواطنين من المبتدئين بالأعمال الصغيرة والمتوسطة في أي قطاع كان، أقول الجهة المسؤولة هذه يمكن أن تقوم بعملية تحليل شامل لجميع القطاعات والمجالات الاقتصادية في إطار الخطة الاقتصادية لتحفيز القطاعات والصادرات وتنويع مصادر الدخل وتحليل لمؤسسات التأهيل وكم ونوع مخرجات هذه المؤسسات وكم ونوع التحفيز التمويلي المتاح، ومن ثم تصدر لائحة إعفاءات ''رسومية'' تشتمل على نسبة الإعفاء وعدد السنوات حسب نوع النشاط ونوع تأهيل الشباب وحسب المنطقة والفرص الوظيفية التي يتيحها للمواطنين.
أعتقد أن ذلك سيلعب دورا كبيرا في رفع نسبة المواطنين المستثمرين في الأعمال الصغيرة والمتوسطة وبالتالي التشغيل الذاتي وتوليد الفرص الوظيفية، كما سيلعب دورا كبيرا في دفع الاستثمارات الشبابية باتجاه القطاعات والمجالات التي تعاني ندرة المستثمرين السعوديين وارتفاع نسبة المستثمرين الوافدين المتسترين كقطاع الأعمال المهنية كورش الميكانيكا والكهرباء وصيانة التكييف والإلكترونيات وغير ذلك. وبطبيعة الحال هذا التشجيع والدفع سيلعب دورا كبيرا في خفض نسبة تحويلات العمالة خارج الدورة الاقتصادية السعودية.
يمكن أن تشرك الجهات ذات الصلة في مجال الاستثمار مثل الصحة أو الزراعة أو مؤسسة التعليم المهني والتقني والنفط وغيرها في تحديد المجالات والأنشطة التي تعاني شح المستثمرين الشباب لرفع نسبة الإعفاء من الرسوم وعدد سنواتها لدفع الشباب لهذا النوع من الاستثمارات.
بكل تأكيد الإعفاء من الرسوم لن يكون العنصر الوحيد الدافع للشباب لقطاعات ومجالات الاستثمار التي تعاني ندرة المستثمرين الشباب في مجال الأعمال الصغيرة والمتوسطة، وبالتالي يجب تدعيم العناصر الأخرى كمبلغ التمويل والتسهيلات المالية وبرنامج دعم العمالة الوطنية وغير ذلك من العناصر.
ختاماً أتطلع إلى أن يتبنى مجلس الغرف التجارية بكل علمية ومنطقية مشروع الإعفاءات ''الرسومية'' لمبادرات الأعمال الشبابية وغيرهم خصوصاً من المتقاعدين للاستثمار في الأعمال الصغيرة والمتوسطة ليقبلوا على هذه النوع من الاستثمارات بما يحقق عدة أهداف تنموية بحجر واحد، وخصوصاً أن مجلس الغرف جهة معنية بتحسين البيئة الاستثمارية وتسهيل ممارسة الأنشطة الاقتصادية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي