تراجع تجارة الغاز الطبيعي المسال لأول مرة في عقدين
تراجعت تجارة الغاز الطبيعي المسال العالمية في العام الماضي ولأول مرة في عقدين من الزمن على الأقل، وفقا لنشرة شركة بريتش بتروليوم الإحصائية عن الطاقة العالمية التي صدرت في لندن. خلال إطلاق تقريرها السنوي، أوضحت مصادر شركة بريتش بتروليوم حدوث انخفاض طفيف في حجم الغاز الطبيعي المسال المتداولة دوليا على أساس سنوي في عام 2012 من 329.9 مليار متر مكعب في 2011 إلى 327.9 مليار متر مكعب في عام 2012، أرجعت السبب في ذلك إلى التوقفات غير المجدولة لعدد من وحدات تسييل الغاز الطبيعي في العالم، إضافة إلى انخفاض معدلات استخدام بعض الوحدات الأخرى، إما بسبب انخفاض إنتاج الغاز أو في بعض البلدان تم تحويل الغاز من التصدير إلى الاستهلاك الداخلي على خلفية ارتفاع الطلب المحلي فيها.
وفقا لشركة بريتش بتروليوم، في عام 2012 انخفضت صادرات الغاز الطبيعي المسال الإندونيسية إلى 4.2 مليار متر مكعب، الصادرات الجزائرية إلى 2.6 مليار متر مكعب، الصادرات المصرية إلى 2.1 مليار متر مكعب، والصادرات اليمنية إلى 1.8 مليار متر مكعب. وعلاوة على ذلك، وعلى النقيض من الإضافات الكبيرة في طاقات التسييل العالمية خلال معظم العقد الماضي (وخصوصا في قطر)، شهد عام 2012 أقل زيادة في إضافة الطاقات الإنتاجية الجديدة من الغاز الطبيعي المسال منذ عام 2002.
من الأحداث الأخرى ذات العلاقة بديناميكية صناعة الغاز الطبيعي المسال التي احتلت مساحة أوسع في التغطية الإعلامية في العام الماضي هي الإحلال الكبير للغاز الطبيعي محل الفحم الحجري في قطاع توليد الطاقة الكهربائية في الولايات المتحدة، وذلك بفضل ازدهار إمدادات الغاز الطبيعي من مصادر الغاز الصخري وبأسعار منخفضة، هذه الزيادة قابلها إحلال كبير للفحم الحجري محل الغاز الطبيعي في قطاع الطاقة الكهربائية في الاتحاد الأوروبي.
مع انخفاض معروض الغاز الطبيعي المسال المتاح للتداول عالميا، تشددت أسواق الغاز الطبيعي المسال العالمية على خلفية ارتفاع الطلب من اليابان عقب إغلاق محطاتها النووية بعد حادثة فوكوشيما. حيث زادت اليابان وارداتها السنوية للغاز الطبيعي المسال إلى مستوى قياسي بلغ 119 مليار متر مكعب، في الوقت نفسه دفعت أيضا مستوى قياسي في فرق الأسعار وصل إلى نحو 9.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية فوق الأسعار الفورية الأوروبية لجذب هذا الغاز إلى آسيا. إن توافر خطوط الأنابيب التي تزود أوروبا بالغاز الطبيعي، ينفي حاجة الدول الأوروبية للتنافس مع هذه الأسعار الآسيوية، ما أدى إلى انخفاض وارداتها من الغاز الطبيعي المسال في عام 2012 بنحو 21.8 مليار متر مكعب في العام على أساس سنوي، أو بنسبة 24.2 في المائة.
لكن، رغبة روسيا المورد الرئيس للغاز الطبيعي عبر خطوط الأنابيب إلى أوروبا في الحفاظ على أسعار الغاز مرتبطة بأسعار النفط Oil Price Indexation، حتى على حساب فقدان حصتها في السوق لصالح شركات منافسة أخرى مثل الشركات النرويجية، أبقى أسعار الغاز الأوروبية مرتفعة نسبيا. في الوقت نفسه، إحلال كميات كبيرة من الغاز الطبيعي محل الفحم الحجري في الولايات المتحدة أدى إلى توافر كميات كبيرة من الفحم للأسواق الأوروبية، ما أدى إلى انخفاض أسعاره على هذا الجانب من المحيط الأطلسي.
لذلك، في الوقت الذي ارتفعت فيه طاقات توليد الطاقة الكهربائية التي تعمل بالغاز في الولايات المتحدة بنسبة 21 في المائة على أساس سنوي، إلى مستوى قياسي غير مسبوق وصل إلى 1295 تيراواط ساعة، انخفضت طاقاتها التي تعمل بالفحم بنسبة 12 في المائة إلى أدنى مستوى لها منذ عام 1987. وفي أوروبا، شهدت أكبر خمس أسواق لتوليد الطاقة الكهربائية مجتمعة انخفاضا في طاقاتها العاملة على الغاز بنسبة 19 في المائة في عام 2012، في حين ارتفعت الطاقات العاملة على الفحم بنسبة 12 في المائة. من حيث حجم الغاز، ارتفع استهلاك قطاع الطاقة الأمريكية بنسبة 44 مليار متر مكعب، في حين انخفض استهلاك أكبر خمس أسواق للطاقة في أوروبا مجتمعة بنحو 17 مليار متر مكعب في العام الماضي.
في ضوء حسابات شركة بريتش بتروليوم، نما إجمالي الاستهلاك العالمي للطاقة الأولية بنسبة 1.8 في المائة على أساس سنوي في عام 2012، هذا المعدل أقل بكثير من متوسط معدل نمو السنوات العشر قدره 2.6 في المائة، إلى نحو 12.5 مليار طن نفط مكافئ. في غضون ذلك، انخفض معدل استهلاك الدول الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي بنحو 1.2 في المائة على أساس سنوي، إلى 5.5 مليار طن نفط مكافئ، على الرغم من نمو الناتج المحلي الإجمالي فيها بنسبة 1.4 في المائة على أساس سنوي. في المقابل ارتفع استهلاك الطاقة في الدول غير الأعضاء في منظمة التعاون والتنمية الاقتصادي بنسبة 4.2 في المائة، إلى نحو 7.0 مليار طن نفط مكافئ، هذا المعدل أقل أيضا من متوسط معدل نمو السنوات العشر قدره 5.3 في المائة.
أما بخصوص أسواق النفط العالمية، تشير الأرقام إلى أن مصادر الصخر الزيتي ساهمت في نمو إنتاج النفط في الولايات المتحدة بنحو 1.04 مليون برميل في اليوم في عام 2012، إلى 8.9 مليون برميل في اليوم، هذه الزيادة تمثل أكبر نمو في الإمدادات على صعيد العالم في عام 2012، في الوقت نفسه تمثل أكبر زيادة في إنتاج النفط في تاريخ الولايات المتحدة على أساس سنوي. لكن، تجدر الإشارة هنا إلى أن أرقام إنتاج النفط بحسب إحصائيات الطاقة العالمية لشركة بريتش بتروليوم تشمل أيضا إنتاج سوائل الغاز الطبيعي المستمدة من معالجة الغاز الطبيعي، لذلك نلاحظ تفاوتا كبيرا بين أرقام إنتاج الولايات المتحدة بحسب تقدير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية الذي تضعه عند 6.5 مليون برميل في اليوم في عام 2012 وإحصائيات شركة بريتش بتروليوم.