رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


لكيلا تتأخر مشاريع الإسكان ويعاني المواطن

في البداية لا بد من الإشادة ببعض إنجازات وزارة الإسكان رغم عمرها القصير، فقد تمكنت من إنجاز "استراتيجية الإسكان"، وهي في غاية الأهمية، لأنها تحدد الأولويات والاحتياجات ومنها صياغة "النظام الوطني للإسكان" الذي نحن في أمس الحاجة إليه، كذلك تمكين المواطنين من ملكية مساكن لائقة، وقد تمكنت الوزارة من الحصول على الأراضي اللازمة لمشاريعها، وكذلك توقيع عقود تنفيذ البنية التحتية لعدد من مشاريع الإسكان في مناطق إدارية متعددة مثل جازان ونجران والباحة والرياض، وأنجزت بعض المشاريع في مناطق أخرى من خلال عقد شراكات مع كبار المطورين العقاريين.
وعلى الرغم من هذه الجهود، فإن المواطنين المحتاجين يعدون الأيام والليالي الطويلة، نظراً لحاجتهم الملحة وإمكاناتهم المحدودة، خاصة بعد أن ارتفع سقف أحلامهم في امتلاك مسكن العمر الذي يليق بهم وأسرهم، وهذا حق لا يختلف عليه اثنان. وازداد الأمل في تحقيق هذه الأحلام بعد إصرار خادم الحرمين الشريفين على حل مشكلة الإسكان، من خلال دعم الدولة السخي لصندوق التنمية العقاري، وكذلك دعم وزارة الإسكان بمليارات الريالات لتوفير الأراضي والقروض والمساكن للمواطنين.
لا يمكن إنكار محدودية إمكانات الوزارة، نظراً لحداثة إنشائها من جهة، وضخامة مشكلة الإسكان من جهة أخرى. فالخشية أن انتظار المواطنين يطول ويطول، مما يزيد احباطاتهم ومعاناتهم، خاصة أن بعضهم يسكن العشش والمساكن العشوائية والطينية الآيلة للسقوط، إذ تشير الإحصاءات الأخيرة إلى أن نحو 27 في المائة من الأسر السعودية تقطن في مساكن تقليدية، أي ما يعادل أكثر من 800 ألف أسرة!
وفي ضوء سير العمل في مشاريع الإسكان، ليس من المستبعد أن يتأخر تنفيذ كثير منها، وهذا يستدعي أن تتخذ الوزارة بعض الإجراءات التي تسهم في حل مشكلة الإسكان في وقت أسرع وبكفاءة أعلى ومردود اقتصادي أكبر. ومن تلك الإجراءات ما يلي:
أولاً: أثبتت التجارب السابقة وجود سلبيات كثيرة مرتبطة بمشاريع الإسكان التي تؤدي إلى تجميع الفقراء وذوي الدخل المحدود في "بؤر" أو أحياء خاصة بهم، منها الاجتماعية والنفسية والأمنية التي لا تخفى على ذوي الألباب.
ثانياً: لحل المشكلة المشار إليها ولتوفير المساكن للمستحقين في وقت وجيز، يمكن أن تقوم وزارة الإسكان بشراء بعض قطع الأراضي داخل بعض الأحياء السكنية أو المخططات القائمة، لكي يكون هناك اندماج وتعايش بين الفئات السكانية المختلفة من حيث مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية.
ثالثاً: للإسهام في حل مشكلة الإسكان في وقت قصير ينبغي التفكير في شراء بعض العمارات والمباني الجاهزة داخل بعض الأحياء وتمليكها للمستحقين، مما سيحقق الأهداف الاجتماعية من خلال دمج الفقراء مع الفئات الأخرى ورفع مستوياتهم المعيشية والاجتماعية والثقافية. كما أن شراء عمائر جاهزة سيدعم صغار المقاولين والمستثمرين، بدلاً من الاستعانة بمؤسسات التطوير العقاري الكبيرة.
رابعاً: على الرغم من توقعات الكثيرين أن يسهم إقرار "نظام الرهن العقاري" في حل مشكلة الإسكان، فإن الاستفادة منه لا تزال محدودة، ربما لشروط الإقراض التي تصب في مصلحة البنوك، خاصة أن طريقة حساب "العمولة" عند الاقتراض من البنوك السعودية تختلف عن طريقة حسابها عند الاقتراض من البنوك العالمية، فطريقة البنوك السعودية التي يُطلق عليها "الطريقة الإسلامية" تحمّل المقترض مبالغ كبيرة، مقارنة بنظيرتها "الربوية"!
خامساً: لعل المشكلة العويصة والكبيرة التي ينبغي التنبه إليها تكمن في أن توفير المساكن لا يسهم ــــ بالضرورة ــــ في حل مشكلة الفقر، خاصة إذا تم إنشاء مشاريع الإسكان وتوفير مساكن في محافظات أو أماكن لا تتوافر فيها إمكانات تنموية وفرص عمل للسكان. وبناء عليه، لا بد من التأكيد على أن حل مشكلة الإسكان لا ينبغي أن يكون بمعزل عن النظرة التنموية الشاملة، وإلا ستهدر أموال كثيرة ولن يتحقق الهدف الأهم وهو الحد من الفقر ورفع قدرات الناس وتمكينهم من الاعتماد على أنفسهم ومن ثم الإسهام بفاعلية في مجتمعاتهم.
أدعو الله أن يوفق المخلصين لتحقيق آمال أبناء الوطن وأحلامهم، في ظل الاستقرار والتنمية المستدامة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي