رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


العمل الأمني وضرورات التطوير

بعيدا عن إرجاف المرجفين وتشكيك المشككين، تقف بلادنا اليوم على أرض صلبة من التماسك الأمني بفضل الله ثم بفضل الجهود المستمرة لوزارة الداخلية وقطاعاتها المتشعبة بعرض البلاد وطولها، وهذا المنجز الأمني الذي نفاخر به اليوم كان السد المنيع في حماية خطط التنمية ومعارك البناء التي خاضها رجال الدولة منذ فجر التأسيس وحتى اليوم فلا تنمية ولارخاء دون أمن مستتب يحفظ للجميع حقوقهم، ولكننا أيضا لسنا بمعزل عن دول العالم التي تمر أجهزتها الأمنية بتحديات عالية وتغيرات متسارعة. وأظن أننا في مرحلة تستدعي ظروفها مواجهة التحديات بالتطوير المستمر للموارد الأمنية، والأنظمة القائمة بما يضمن لنا استمرار التفوق، وسرعة الإنجاز، وتقليل الأخطاء.
وهناك بعض الأمور التي لفت انتباهي جهودها التي تستدعي من القائمين على شؤون الأمن الالتفات لها وإيلائها العناية التي تستحق لأني أثق بترحيبهم بالنقد الهادف وتبنيهم للأفكار التطويرية.
فمن الملاحظ أن الكثير من أقسام الشرط الفرعية لا تزال بعيدة عن استخدام التقنية مما يجعل التخاطب بين الأقسام يستغرق وقتا
أطول وجهودا أكثر، ولا أظن القائمين على شؤون الأمن يغفلون عن انعكاس أنظمة التقنية والتبادل الإلكتروني في تسريع الإنجاز، وتحسين الأداء واختصار الجهود، ولو نظرنا لوزارة التربية على سبيل المثال نجد أنها استطاعت ربط أكثر من سبعة آلاف مدرسة على مستوى المملكة بنظام إلكتروني موحد وهو ''برنامج نور'' الذي ساهم في إحداث نقلة فارقة الأداء بعد تطبيقه واختفت المعاملات، والمخاطبات المتكدسة، وتقلصت شبهات الفساد والنفوذ الوهمي لبعض المتنفعين بعد تطبيقه.
وأجهزة الأمن لا تقل أهمية عن المدارس لربطها بنظام موحد يرصد الإنجاز اليومي ويسرّع في نقل المعلومة ويسهّل على المواطنين وخاصة أن عدد أقسام الشرطة أقل بكثير من المدارس. الأمر نفسه ينطبق على قطاعات الجوازات ومكافحة المخدرات والدفاع المدني.
أما الأمر الآخر فهو تواضع معظم المباني المستأجرة للأجهزة الأمنية مما يجعل من بعض بيئات العمل بيئات منفرة، وكلنا يدرك أن مقار الأمن لا بد أن تكون من معالم البلد لتعزيز هيبة الدولة ولتمكن رجال الأمن من العمل بأريحية تامة بعيدا عن الضغوط.
قرأت أن هناك مشروع معلن يحمل اسم خادم الحرمين الشريفين لتطوير المقار الأمنية والاستغناء عن المباني المستأجرة لكن لا أعرف أين وصل المشروع وما نسبة الإنجاز فيه؟ أما البعد الأخير من أبعاد التطوير المرتقبة فهو يتعلق بالموارد البشرية وهو الأهم في نظري، ووزارة الداخلية تدرك هذا وبذلت الكثير لكننا نطمح إلى المزيد من الوزارة ومن رجال الأمن أنفسهم.
وهناك ملفات تحتاج إلى تسريع الإنجاز فيها حتى لا تشكل عائقا من عوائق الأداء مثل تأخر البت في طلبات النقل بين المدن، والشكوى من بطء الترقيات، وفي نظري أن هذين الملفين يتطلبان حركة نقل وترقيات سنوية معلنة عن طريق الأنظمة الإلكترونية بعيدا عن المحسوبيات تعطي كل ذي حق حقه، تراعي فيها الأقدمية، والظروف الأسرية وتقييم الأداء للمتقدم، ومدى تطوره وظيفيا.
وأخيرا هناك حاجة ماسة ليكون التدريب المستمر جزءا من تقييم الأداء وربطه بالحوافز والترقيات، ولا يعقل أن يستمر بعض الأفراد والضباط في مواقعهم سنوات عديدة وتتم ترقيتهم دون تطوير أنفسهم بحزمة من الدورات التي لاغني لرجل الأمن عنها مثل الحاسب الآلي، واللغة الإنجليزية، والإسعافات الأولية، والتعامل مع الجمهور، وغيرها.
لو فعّلت مدن التدريب التابعة للأمن العام خططها لاستوعبت الجميع، ولكن قد يكون هناك عدم وعي بأهمية التدريب والتطوير المستمر، أو تقليص ميزانيات التدريب على حساب مشاريع أخرى.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي