رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نحن والمجتمع الدولي

منذ عقود، التسول على قدم وساق على عتبات المجتمع الدولي، ومع كثرة النكبات التي مرت بأمتنا بدءاً من احتلال الصهاينة لفلسطين والاعتداءات على لبنان وعلى غزة، وانتهاءً بالثورة السورية التي تجاوز فيها النظام كل الخطوط الحمراء في مجازره وتدميره وتشريده للسوريين، والآن في مصر بعد الانقلاب العسكري يستمر استجداء وتسول المجتمع الدولي للقيام بمسؤولياته الإنسانية والتاريخية.
كلما أسمع أو أقرأ عبارة ندعو المجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته أتساءل بعفوية: هل نحن جزء من المجتمع الدولي؟ وما هو المجتمع الدولي الذي نكرر مناشدته ولا نجد منه إلا الصدود والإعراض عن مطالبنا له؟ الدعوة للمجتمع الدولي تأتي على افتراض أننا جزء منه، ولنا حقوق كما أن علينا واجبات، لكن هل نحن جزء مؤثر وفاعل أم جزء تابع؟ الأحرى أننا جزء ليس له تأثير، والدليل أن المجتمع الذي نستنجد به لا يصغي لنا، ولا يلقي لمناشداتنا بالاً، بل يستخف بنا حيث تكون استجابته على شكل وعود فارغة وتصريحات غامضة ومراوغات لا حدود لها يضيع من يسمعها في ألفاظ مبهمة وجمل متناقضة، مثل استخدام السلاح الكيماوي خط أحمر، وبعد الاستخدام لم يثبت استخدام النظام للسلاح الكيماوي، ودعم المعارضة بسلاح غير قاتل، ولا يوجد دليل قاطع، وهكذا من عبارات لا تسمن ولا تغني من جوع.
يبدو أننا لا نفهم المجتمع الدولي ولا نعرفه على حقيقته، أو أننا نتجاهل طبيعته. المجتمع الدولي ممثلا في أعضاء مجلس الأمن الذين لهم حق النقض هو: أمريكا، بريطانيا، فرنسا، روسيا، والصين. هذه هي الدول التي إن شاءت اتخذت قراراً وإن شاءت عطلت قراراً، مهما كانت وجاهة القرار وسلامته من الناحيتين الإنسانية والقانونية. روسيا على سبيل المثال عطلت قرارات مجلس الأمن الخاصة بسورية، ووصفت تسليح المعارضة السورية بمخالفته للقانون الدولي، لكن تزويد النظام القاتل لشعبه ليس مخالفاً للقانون الدولي في نظر روسيا.
القانون الدولي الذي نناشده له تاريخ وله سجل أسود، فدوله خاضت حروباً عالمية قتل فيها الملايين ودمرت مدن واستخدمت قنابل ذرية، الدول المؤثرة في المجتمع الدولي لها سجل استعماري عانته كثير من دول العالم، واستنزفت خيرات الشعوب، واستعبدت شعوبا لقرون سلبت خلالها حريتها وانتهكت سيادتها، وأهينت آدميتها، فهل دول بهذا التاريخ يرتجى منها خير؟
دول المجتمع الدولي المؤثرة لا تعرف إلا القوة، فامتلاكها القوة جعل منها دولاً ذات سيادة وتأثير في المجتمع الدولي حتى أصبحت المنظمات الدولية من هيئة الأمم وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي، أدوات يفرض من خلالها قرارات على دول وشعوب أخرى.
المجتمع الدولي الذي نستجديه ولا يجيب هو الذي نفزع لنجدته إما بصورة مباشرة وإما غير مباشرة أو من خلال هيئاته: الأمم المتحدة، وصندوق الأمن الدولي، والبنك الدولي، واليونسكو، حيث نفرغ له ما في خزانتنا من أموال، ومع ذلك لسان حاله يقول لنا لا جزاء ولا شكوراً.
إذا أردنا المحافظة على سيادتنا وثرواتنا وكرامتنا لا بد من امتلاك ناصية القوة العسكرية والمادية والمعرفية والثقافية، وذلك من خلال العلم، وذلك بإيجاد مؤسسات تعليمية قوية تنقل مجتمعاتنا من التخلف والضعف إلى القوة، بدلاً من الاستمرار في حالة التسول التي نعيشها منذ فترة ليست بالقصيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي