همجي ومتحضر
لا أحد يقبل أن يتهمه أحد بأنه همجي. ولا أحد يرتضي لنفسه أن يتهم آخر بالهمجية.
لكن العبارة السابقة لا تنفي أن هناك ممارسات لا تليق، نقع في فخها دائما: نغضب منها إن مورست ضدنا، ونبرر لأنفسنا ممارستها.
هذا الفصل الأناني في سياق الحدث، بمجرد تغير الفاعل الأساسي في القصة، يجعل الصورة تأخذ شكلا طريفا: عندما تعترض على أي سلوك سلبي، وتأنف منه، أنت حتما تعبر عن سلوك متحضر. وعندما يتسق هذا الاعتراض مع أفعالك، أنت ترتقي درجة أعلى في التحضر والتمدن.
الواقع أن كثيرين يسرفون في الأناقة والتعطر والتجمل، وهذا مظهر حضاري جميل. لكن هذا المظهر لا يمكنه أن يتكامل ما لم يتحول الجوهر إلى نفس النسق الجمالي.
هكذا يتضح الفارق، بين إنسان جميل من الداخل والخارج، وبين آخر يتجمل خارجيا، ولكنه من الداخل يظل يعاني التشويه.
لا تعطي فرصة لنفسك أن تؤذي الناس باتهامهم بالهمجية، قبل أن تتصالح مع ذاتك وتتأكد أنك لا تتورط في نفس الأفعال التي تستنكرها على سواك.
ممارسة الأفعال غير السوية تظهر من خلال عبارة نابية، أو سلوك أناني في الطريق، أو تجاوز للقانون. لا أحد في منأى عن هذا. وأظن أن عدم الصرامة في بعض القوانين له دور في طغيان السلوك السلبي.