رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


الدور الاجتماعي لمؤسسات التعليم العالي (2 من 4)

في العدد الماضي كان الحديث عن دور الجامعات في تنفيذ وتفعيل برامج المسؤولية الاجتماعية كمؤسسات رائدة يجب أن تنبع من وسطها هذه المبادرات، وكذلك عن الاهتمام الكبير الذي توليه وزارة التعليم العالي لغرس هذا الفكر المجتمعي، وفي هذا العدد يتواصل الحديث عن مفاهيم وتأصيل المسؤولية الاجتماعية.
تُعرف المسؤولية الاجتماعية في إطارها الواسع على أنها أي نشاط يقدم من قبل المؤسسات الحكومية أو الأهلية لخدمة المجتمع. حيث إن مفهوم المسؤولية الاجتماعية قد اقترن بمجال الأعمال في القطاع الخاص لسيطرة هذا القطاع على مفاصل الحياة العامة في الدول المتقدمة، فإن البنك الدولي يٌعرف المسؤولية الاجتماعية على أنها الالتزام بمساهمة صاحب المشروع في التنمية المستدامة من خلال العمل مع موظفيه وأسرهم والمجتمع المحلي والمجتمع المحيط بكامله لتحسين مستوى معيشة المواطنين بأسلوب يخدم التجارة ويخدم التنمية في آن معا. ينطلق هذا المفهوم من النظرة التي أبرزها الفيلسوف الاقتصادي آدم سميث Adam Smith منذ القرن الثامن عشر حين أشار إلى أن احتياجات ورغبات المجتمع ستتحقق بشكل أفضل بفضل التعاون بين المنظمات والمؤسسات الاقتصادية والمجتمع. وقد عزز هذا المفهوم للمسؤولية الاجتماعية للشركات ارتباطها بعلاقات المستفيدين المختلفين والتي تمثل عنصرا رئيسا تحت مظلة الحكم الرشيد أو ما يصطلح عليه بحوكمة الشركات Corporate Governance.
إن مفهوم المسؤولية الاجتماعية يلتقي مع مفاهيم كثيرة للعمل الخيري والتطوعي من حيث الأهداف أو المبادئ، وهذه المفاهيم ذات جذور أصيلة في الدين والثقافة الإسلامية، وذُكرت في مواضع كثيرة من القرآن الكريم، وعلمها رسولنا الكريم ــــ صلى الله عليه وسلم ـــ لأصحابه ورسخت كقيم ومبادئ إسلامية راسخة لا يحيد عنها. فالقرآن الكريم والسنة المطهرة تحويان الكثير من الأدلة التي تحث على التكافل ورعاية مصالح الآخرين ومن ذلك قوله تعالى في سورة المائدة : (وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان) (آية 2)، ومن كلام المصطفى ـــ صلى الله عليه وسلم ــــ ما روى البخاري ومسلم عن ابن عمر ـــ رضي الله عنهما ـــ أن رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم ــــ قال: "المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه، من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عنه بها كربة من كرب يوم القيامة، ومن ستر على مسلم ستره الله يوم القيامة"، وغير ذلك كثير مما لا يتسع المقام لسرده، فالدين الإسلامي مليء بالكنوز الجميلة التي تدعو وترسخ هذا المفهوم الإنساني النبيل. من هذا يتضح لنا أن مفهوم المسؤولية الاجتماعية الحديث يمكن اعتباره نوعا من التكافل الاجتماعي الذي جاء به الدين الإسلامي من أكثر من 1400 عام. هذا يجعلنا نتساءل عما إذا كانت المسؤولية الاجتماعية تقع على عاتق القطاع الخاص وحده؟ أم أنها مفهوم واسع يقع على كل أفراد المجتمع ومؤسساته المدنية؟ وهذا سيكون محور الحديث القادم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي