صندوق التنمية الاجتماعية .. فكرة تستحق الاهتمام
العودة إلى الكتابة بعد انقطاع، تشبه إلى حد كبير عودة جدول المياه إلى الجريان، فمهما كان قوياً، فإن الأرض الجافة تمتص معظم المياه وتخفف من اندفاعه.. ولذا فقد وجدت صعوبة في كتابة هذا المقال بعد العودة من الإجازة.. لكنني لم أطاوع قلمي، فرمضان شهر جد وعمل وليس كما يصوره البعض شهر نوم وكسل.. وسيكون أول ما تخطه اليوم مقالاً يتناسب مع طبيعة هذا الشهر الكريم، لأنه يتحدث عن دعم العمل الخيري، وأملي أن يحظى المقال باطلاع وزير الشؤون الاجتماعية الدكتور يوسف العثيمين، وأن يعطي رأياً في الفكرة المطروحة ضمن هذا المقال، وهي تأسيس صندوق للتنمية الاجتماعية تجمع فيه أقسام الدعم والإقراض الاجتماعي الموزعة بين بنك التسليف والادخار وصندوق المئوية.. والصندوق الخيري والاجتماعي ''مكافحة الفقر'' وغيره من الصناديق والبرامج التي لديها مهام أخرى، ولذا فإن الشأن الاجتماعي يعتبر ثانوياً بالنسبة لها.. وسيكون هذا الصندوق الذي أقترح ألا يقل رأسماله عن خمسة مليارات ريال كدعم من الدولة للعمل الخيري، نقلة نوعية لتحويل الجمعيات الخيرية من مجرد عمل تقليدي لا يظهر أثره إلا موسمياً وفي شهر رمضان بالذات إلى عمل مؤسسي حديث يصل إلى جميع المحتاجين .. من الأيتام والمعوقين والفقراء .. وهذه أفضل وسيلة لمحاربة الفقر .. واقتراب الدولة من تلك الفئات المحتاجة بشكل مباشر وسريع، حيث إن الجمعيات الخيرية ليس بوضعها الحالي وإنما بعد تطويرها من قبل صندوق التنمية الاجتماعية ومساعدتها على تحديث أجهزتها ومشاريعها الخيرية ودعمها بقروض ميسرة ستكون خير معين للدولة للوصول إلى الفئات المحتاجة في المجتمع بتكلفة أقل من قيام جهاز حكومي بهذه المهمة، لأن الجمعيات الخيرية تعتمد على العمل التطوعي ولا ينقصها إلا الدعم المالي وفق خطط توفر لها الأوقاف والدخل الثابت والمستمر والدعم الفني كالتدريب وتقديم الاستشارات الإدارية لضمان كفاءة الإدارة والأخذ بالأساليب الحديثة في العمل الخيري.. وللمعلومية فإن في بلادنا حالياً نحو 600 جمعية خيرية في مختلف التخصصات لكن الغالبية العظمى منها 510 جمعيات للبر أي للمساعدات النقدية والمباشرة وسيكون لصندوق التنمية الاجتماعية المقترح دور في تطوير هذه الجمعيات وبث روح التنافس الإيجابي بينها.. أما جمعيات الأيتام والمعوقين فإنها أكثر تطوراً من جمعيات البر لكنها تعاني نقص الموارد، ولذا لا تغطي خدماتها مختلف مناطق بلادنا المترامية الأطراف بشكل جيد.. وتشهد قوائم الانتظار لديها بهذا النقص.
وأخيراً: إن فكرة ''صندوق التنمية الاجتماعية'' الذي سيكون تحت مظلة وزارة الشؤون الاجتماعية وعلى غرار صناديق التنمية الصناعية والعقارية والزراعية التي حققت نجاحاً ملحوظاً في قطاعاتها المتخصصة، تحتاج الى مزيد من تناول الزملاء الكتاب لإثراء جميع جوانبه والثقة كبيرة في أن الدولة لن تتأخر في تأسيس هذا الصندوق متى ما رأت أن هذه الفكرة ستكون مفيدة للمستهدفين، لأنه يأتي ضمن اهتمام خادم الحرمين الشريفين بدعم الفئات المحتاجة من هذا الشعب الكريم.