رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«الحطيئة» .. وتستر السعوديين

الحطيئة شاعر الهجاء المعروف هجا بعض شبابنا الذين لا يريدون العمل بكلمات عندما قال:
دع المكارم لا ترحل لبغيتهــا
واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي
فعندما لا تبلغ مروءتك إلا مجرد أن تأكل وتلبس فإن هذا البيت يعبر عن واقعك. هذا البيت من الشعر من ضمن قصيدة للحطيئة أثارت حفيظة الزبرقان بن بدر التميمي الذي أوكل إليه خليفة المسلمين عمر بن الخطاب جباية الزكاة لدرجة أن الزبرقان قال: أو لا تبلغ مروءتي إلا أن آكل وألبس! هذا الغضب دفعه للسفر لخليفة المسلمين عمر بن الخطاب في المدينة! وقال: والله يا أمير المؤمنين ما هُجيت ببيت قط أشد عليَّ منه. واستشار عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- حسان بن ثابت عند ذلك وسأله: أتراه هجاه؟ قال حسان: نعم وسلح عليه! فحبس عمر الحطيئة على ضوء ذلك إلى آخر القصة المعروفة للجميع.
فالحطيئة جرح الزبرقان لدرجة أن أمير المؤمنين حبس الحطيئة عليها. من المعلوم أن عدل عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يمنعه من حبس رجل لأجل موضوع تافه لا يستحق العقوبة.
كلام الحطيئة ينطبق جزئيا على السعوديين الذين يسهمون في زيادة ظاهرة التستر بكل صورها. فبعض أرباب الأعمال من السعوديين لا يديرون أعمالهم فعليا، بل تدار عبر عاملين غير سعوديين لكن الوثائق الحكومية كالسجل التجاري وغيره تحت اسم السعودي. وللأسف أن رب العمل السعودي يكتفي بحفنة من الريالات نظير تستره وإنهائه الإجراءات الرسمية للعامل غير السعودي. من المؤسف أن أعداد المتسترين كبير جدا وفق آخر الإحصائيات والدراسات التي صدرت أخيرا هذا العام فإن 80 في المائة من أصل 90 في المائة من المنشآت المسجلة باسم مواطنين ومواطنات يديرونها عمالة وافدة.
كما أن هناك صورة أخرى لبعض السعوديين الذين هجاهم الحطيئة وهم الذين يسهمون في زيادة نسبة السعودة الوهمية لبعض الشركات عبر تسجيل أسمائهم شكليا لديها لكنهم لا يزاولون أي عمل. بل يكتفي البعض منهم بأخذ مبلغ زهيد مقابل ''بيع'' اسمه لدى إحدى الشركات. المؤسف أن بعض هؤلاء الشباب يشعرون بالفخر لمخالفتهم نظام العمل والعمال، لكن هؤلاء الشباب لا يعلمون أنهم الخاسر الأكبر في طرف المعادلة. فقيمة كل شخص ما يحسنه، ولا شك أن من لا يعمل تقل قيمته في سوق العمل مع مرور الوقت.
فأرباب الأعمال الوهميون ''المتسترون'' أو من ''يبيعون أسماءهم'' ويسجلونها شكليا في إحدى الشركات ينطبق عليهم كلام الحطيئة نسبيا.
من المحزن أن هناك من الشباب من يريد أن يأكل ويشرب دون أن يعمل فماذا بقي من رجولته ومروءته؟ .. الغاية المستحيلة التي يسعى بعض الشباب نحو تحقيقها ''وظيفة بأقل جهد وأعلى راتب''. هذه معادلة مستحيلة ولا تتلاءم مع أبجديات علم الموارد البشرية. فراتب الوظيفة يتم تحديده وفقا لتحليل المتطلبات الأكاديمية والمهارية لها بما فيها سنوات الخبرة، إضافة إلى نسبة المتخصصين أو ما يعرف بنسبة العرض والطلب ''عدد من لديهم المهارات اللازمة لأداء المهمة مقابل عدد الوظائف المعروضة''.
لعلي أختم هذا المقال بحقيقة أن ليس كل من يأكل ويشرب عبر ''حافز'' وهو لا يعمل لم يبق من رجولته شيء، لأنه من غير المعقول والمنطق تحميل الشباب أخطاء غيرهم. فهناك العديد من الشباب ممن يبحثون عن العمل ليل نهار، لكنهم لم يعطوا الفرصة التي يستحقونها. وقد دعوت في عدة مقالات إلى ضرورة إيجاد آليات عملية لحماية السعوديين العاملين في القطاع الخاص، لكونهم أقلية ''نسبة السعوديين العاملين في القطاع الخاص أقل من 10 في المائة'' كما دعوت في أكثر من مقال إلى تأسيس جمعية لمبتعثي خادم الحرمين الشريفين. لكن هذا المقال موجه تحديدا للشريحتين اللتين ذكرتهما في ثنايا هذا المقال.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي