المتعطشون
النجاح طعم الحياة .. النجاح رغبة وأمل .. النجاح معنى يعشقه ويتمناه الجميع.
في الصغر كان الفرح طفولياً تغلفه البراءة ونفسٌ تواقة للنوال من كف الأب والأم وتشجيع العائلة الصغيرة، أقصى درجاته أن ترتمي في أحضان والديك فتشعر بعظيم إنجازك وتفوز بالحضن الدافئ، إنه شعور لا يجاريه شعور ولا يصوره حرف ولا معنى عاطفة صادقة وملك لا يشابه ملكا في ظل أبوة وعطف كبيرين.
ولكن حين نكبر تكبر التحديات وتكبر معها الآمال وتعلو الهمة من أجل الوصول للقمة فستحيل الصعب سهلاً والعقبة دافعا للمزيد من العمل، فيردد الجميع قول الشاعر بكل إصرار:
وما نيل المطالب بالتمني
ولكن تؤخذ الدنيا غلابا
فرسم الهدف بدقة، ومعرفة المسار الصحيح لتحقيق الهدف، ورسم الخطة المثلى لفريق العمل، من أهم مقومات النجاح وطرد شبح الفشل، عمل متراكم، وجهد كبير، عرق وكدح، ولكن بعد أن تتجاوز مرحلة الطفولة ومرحلة العاطفة الجياشة تتغير المعادلة، فالنجاح والفوز هو أنت هو ذاتك سمعتك، وجودك الحقيقي في مجالك الذي تعمل فيه.
وحدهم من يملكون صفات القيادة لا يرغبون الخسران والخسارة فهم لا يحبون سوى طريق النجاح ولا يرون سواه، والأجمل أنهم يعرفون طبيعة العلاقة مع الجماهير ومع المحيطين بهم فتراهم يبحثون عن تحقيق الهدف لا عن رضا الناس جزاءً لصنيعهم لأنهم متى عملوا ذلك وسلكوا طريقة سيرهم الآخرون وفرضوا عليهم طريقة العمل فشابهوا ورقة في مهب الريح تذهب بها بعيداً فترميها في مكان سحيق.
فالكبار من يقودهم لتذليل الصعاب، وتحدي الفشل ليس الرغبة بطعم النجاح ولا يمكن أن يكون هو الدافع والمحرض على العمل ولا يمكن أن تكون الدوافع ذاتها التي كانت تحركه في سنوات خلت، بل هو تحد مع الذات ورهان لكسب القدرة على التفوق وإرضاء الأنا التي ترتكز داخل الشعور ليصرخ صوت الفخر العربي بقوة وبنبرة عالية:
ودع كل صوت غير صوتي فإنني
أنا الصائح المحكي والآخر الصدى
فترمي النفس عن كاهلها معاني القسوة، وأغلال الرتابة، لتفتح روح التسامح نافذة الحب ليدخل معها نسيم الفرح الطاغي فوق كل شعور، لتحيل المعنى لشيء مختلف يحكي رغبة وتصميما من نوع آخر ، فأنت القدوة، وأنت راسم الطريق لمن يليك، وأنت الأول للثاني القادم المتتبع لخطواتك. فكم من الرياضيين ينتظرون مثل هذا الشعور ويرقبون الآمال والنفس يعللونها بحدوث ذلك، بكل تأكيد هم كثر بل الجميع يسعى إلى هذا ولكن هناك مجموعة هي في أشد الحاجة إليه فالتحديات كبيرة، وعواطف الجماهير معها، والكل يتحدث عن أنهم هم القادرون على الكمال ومعالجة ظواهر النقص الحاصل فيما تولوه من أعمال وأعني بذلك:
فيصل بن تركي، سامي الجابر، سلمان المالك، وزياد بن حجاب، فلكل واحد منهم مع حفظ الألقاب، قصة مع التحدي، ولكل منهم رغبة في تفتيت صخرة الفشل وتذليل كل العقبات، لينتهي الموسم وقد نالوا ما أرادوا مرددين قول الشاعر بنشوة المنتصر:
عداتي لهم فضلٌ عليَّ ومنة ٌ
فلا أبعد الرحمنُ عنِّي الأعاديا
هم بحثوا عن زلتي فاجتنبتُها
وهم نافسوني فاكتسبت المعاليا
الخاتمة
الثلاثاء الماضي كان كئيباً حيث فجعت برحيل الزميلين سليمان العائد نائب رئيس الحزم سابقا، وساير الشمري عضو هيئة التدريس في جامعة حائل، فكان لفقدهما حزن لم يخففه سوى ذكراهما الطيبة وجميل ما قدماه، فلهم صادق الدعاء بالرحمة والمغفرة وبأن تكون الجنة لهم قراراً ومنزلا.