توظيف النساء مسؤولية مَنْ؟
بات جانب إيجاد وإحلال الوظائف النسائية أمرا مهما خلال الوقت الراهن، وفي ظل التطور الكبير الذي تعيشه المملكة، لا يقل عن أهمية توأمة الجانب الآخر المتمثل في خلق وإحلال الوظائف للرجال.
من وجهة نظري، أن البطالة النسائية لدينا في المملكة أصبحت حقيقة بينة لا بد لها من وضع حلول ومعالجة سريعة تحد من تفاقمها أسوة بالرجال، هذه الحقيقة تبينت من خلال بلوغ نسبة المسجلات من النساء في برنامج حافز أكثر من 80 في المائة، ما يدعو إلى التفكير سريعا وإيجاد الحل وسرعة إيجاد الوظائف المناسبة لهن، خصوصا أن هذه النسبة ستزيد مستقبلا من خلال تغذيتها بأعداد كبيرة من الخريجات سواء من الجامعات أو المعاهد أو حتى برنامج الابتعاث الخارجي، خصوصا أنني أسمع عديدا من الآباء يتهامسون ومحتارون حول مستقبل بناتهم الوظيفي بعد التخرج، وأنا أحدهم، حيث أرى أمام عيني ابنتي ''نور'' على أبواب التخرج في الجامعة وحديثي الدائم معها عن وظيفة ترى نفسها فيها وتحقق ما تحلم به بعد إنهاء دراستها الجامعية.
إنني أتابع بألم تتخلله حسرة مرة، أن أكثر من 80 في المائة من المسجلات في حافز نساء، فهذه النسبة تم تسجيلها منذ تدشين هذا البرنامج تقريبا، ما يجبرني ويجبر غيري على تساؤل مهم يتضمن أين الحلول أو الآليات أو الخطط التي تم اتخاذها لحل هذه المشكلة؟ حتى وإن اعتقد البعض عدم مصداقية المسجلين فسيأتي يوم نجد أن جميع المسجلات في هذا البرنامج ذوات مصداقية عالية، ويبحثن عن عمل يناسبهن بالفعل.
عند صدور أوامر ملكية بإنشاء مدن صناعية تعمل فيها النساء، رأينا هيئة المدن الصناعية تشتكي بأن وزارة الشؤون القروية والبلدية لم تؤمن إلا أرضا واحدة في منطقة الأحساء، رغم أن الهيئة نفسها، بل الوزارة أقصد وزارة التجارة والصناعة لا توظفهن، ووزير العمل يجابه بحرب شعواء على عمله بإحلالهن في بعض الوظائف وفق الضوابط الشرعية، رغم صدور الأوامر السامية الداعمة لذلك، وديوان الخدمة المدنية معظم وظائفه التي يعلن عنها للرجال رغم إمكانية أداء النساء لها، واقتصار إعلانه تقريبا على الوظائف التعليمية، كما أرى كثيرا من القطاعات كالوزارات والشركات الكبرى كـ ''سابك'' و''الاتصالات السعودية''، وشركة موبايلي والمصارف لا توظفهن، وإن وظفتهن فذلك يكون باستحياء، أي بأعداد قليلة جدا، ورغم ذلك الكل يطالب جميع رجال الأعمال فقط بتوظيفهن، وهناك العديد منهم لم يتأخر عن ذلك.. ألا يحثنا جميع ذلك إلى التحرك وإنقاذ نصف المجتمع وإنصافه؟ ولماذا تشعر المرأة بأنها يجب أن تتخلى عن هويتها كأنثى من أجل العمل في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة أو الرياضيات؟
لقد تابعت ما أجمع عليه المشاركون في إحدى جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي ''منتدى دافوس'' في منطقة البحر الميت في الأردن الذي عقد منذ وقت قريب تحت عنوان ''تهيئة الظروف للنمو والثبات الاقتصادي'' بمشاركة 900 من كبار الشخصيات وصنّاع القرار من منظمات حكومية ومدنية مختلفة من 50 دولة، على ضرورة إعطاء فرصة أكبر للمرأة العربية للمشاركة في النشاطات الاقتصادية، مؤكدين أن النصوص القانونية وحدها لا تكفي، حيث قالت الأميرة أميرة الطويل، إن مؤسسة ''شركة الوقت'' لاكتشاف المواهب في السعودية، بينت أن وضع المرأة تحسن كثيراً خلال العامين الماضيين في المملكة، إذ استطاعت الدخول إلى عديد من القطاعات، خصوصاً الصحية والتعليمية، مشيرة إلى أن نحو 160 ألف سعودية حصلن على وظائف في هذه الفترة، كما لفتت إلى أن نسبة البطالة بين النساء بلغت 85 في المائة نظراً إلى بحث 70 في المائة من السعوديات عن العمل في قطاع التعليم في شكل رئيس، ودعت حينها إلى الاهتمام بتوجيه التعليم وفق حاجة السوق، مؤكدة أن الانفتاح الذي حصل بشكل كبير في العالم العربي سيسهم في دعم المرأة العربية بشكل عام.
وفي هذا الصدد ومن جميع ما ذكرت، أتمنى صدور أمر ملكي كريم مرتبط بخريطة زمنية محددة، تهدف إلى تشغيل النساء في الوظائف الحكومية بما يشمل الشركات التي تملك الدولة نسبا مؤثرة فيها، وصولا إلى نسبة 50 في المائة خلال خمسة أعوام، من خلال كيان (مؤقت) مرتبط بالمقام السامي مباشرة، وبوجود الجهات المعنية كافة، على أن يعلن هذا الكيان خطته خلال ثلاثة أشهر يحدد من خلالها الأهداف وكيفية قياسها وآلية التعرف على نتائجها للعموم بشكل مستمر لحين الوصول للهدف المنشود.