رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


إيران و«الطروادية الطائفية»

حصان طروادة الخشبي الضخم الذي ضم 100 فارس قوي وأدخله الإسبرطيون في أسوارهم حال انسحاب القوات اليونانية المهاجمة خدعةً حيث أظهروا انسحابهم ليخترقوا الأسوار التي عجزوا عن اختراقها لشهور بفتحات أحدثها الفرسان الأقوياء المائة الذين كانوا بداخله ما مكن القوات اليونانية التي عادت إلى الشاطئ حسب الخطة المرسومة من دخول المدينة دون عناء وعملوا في أهالي طروادة قتلاً وحرقاً ونهبا .
إيران الملالي الطائفية التي يحكمها بالمحصلة الولي الفقيه في حالة شاذة عالمياً في القرن الحادي والعشرين لم تُعِد استراتيجية لتنمية إيران الغنية بجميع الموارد بما في ذلك الموارد البشرية وبناء علاقات حسن جوار مع الدول العربية خصوصاً دول الخليج المجاورة بل أعدت استراتيجية للسيطرة على العالم الإسلامي كاملاً باعتبار أن العالم الإسلامي يتبع كل من يسيطر على الجزيرة العربية والعراق والشام، واعتمدت في استراتيجيتها بشكل كبير على الطائفية الشيعية كحصان طروادة الذي تريد أن تخترق من خلاله حيلةً حصون الدول العربية بقوة ناعمة لا تشعر بها قيادات تلك الدول وشعوبها.
نجحت إيران في اختراق الدول العربية من خلال الطروادية الطائفية بخطابين، الأول للطائفة الشيعية، حيث أوحت لهم بدعمها لهم ليكونوا أكثر قوة وشأناً في بلدانهم وداعبت عواطفهم بمظلوميتهم، حيث الفجوة بين الواقع والمأمول لأوضاعهم في دولهم بأساليب شابها الكثير من الكذب والتدليس، والثاني للأمة الإسلامية ''السنة'' لكسب تعاطفهم ودعمهم حيث الدعوة بمحاربة الإمبريالية الأمريكية والصهيونية الإسرائيلية والعمل الإسلامي المشترك لتحرير فلسطين!
نعم نجحت وقطعت شوطاً كبيراً في تحقيق استراتيجيتها بقوة ناعمة لم ينتبه لها إلا بعض النخب الفكرية التي اختلفت مع النخب الأخرى التي كانت ترى في إيران داعما كبيرا للعالم العربي والإسلامي خصوصاً بعد أن اشتبك ما يسمى ''حزب الله'' مع إسرائيل عام 2006 في حرب عبثية مضحكة ادعى الانتصار فيها رغم تدمير الجنوب اللبناني، ودعمت حماس من باب التضليل للصمود في وجه إسرائيل دون جدوى استراتيجية تذكر.
وللأمانة انتشر التشيع السياسي في الدول العربية ليزيد رصيد إيران الطائفي في المنطقة العربية بعد أن قامت ''الاثنا عشرية'' الإيرانية بالتصالح مع جميع المذاهب الشيعية الأخرى التي كانت تكفرها كالإسماعيلية والعلوية النصيرية بل إن الأمر وصل بهم للتصالح مع الزيدية المذهب الأقرب للمذهب السني منه للمذاهب الشيعية وها هم العرب الحوثيون أصبحوا شوكة تحركها إيران في خاصرة الجزيرة العربية من الجنوب كما كونت الشوكة الشيعية العراقية والشوكة الشيعية في لبنان واليوم تعزز الشوكة النصيرية في سورية وما زالت تدعم المزيد من الشوك في الدول العربية عموما والخليجية منها على وجه الخصوص.
إيران اخترقت الدول العربية من خلال الطروادية الطائفية وتغلغلت فيها وأوغرت صدور مواطنيها بعد أن وعدت أفراد الطوائف الشيعية في هذه الدول بالعزة والكرامة والمجد والسيطرة رغم أنها لا تقدم لهم سوى نكد العيش والانسلاخ من الأوطان وتحويل أوطانهم لدول فاشلة لا تسيطر قياداتها عليها أو على بعضٍ منها وإلى دول محتقنة طائفياً تتخللها باستمرار الاحتجاجات العنيفة والاقتتال والتفجيرات كما في العراق ولبنان واليمن ما يجعلها دولا منفلتة أمنياً متخلفة تنموياً لا يهنأ فيها العيش لأي مواطن مهما كان انتماؤه الديني أو الطائفي كما هو حال الأعراق والطوائف التي تعيش في إيران التي تعاني أشد أنواع القهر والاضطهاد والتمييز العنصري على أساس الطائفة أو العرق، ومن الواضح أن إيران بما فيها تنضح.
جاءت الثورة السورية التي باغتت العالم بقوتها واستمراريتها رغم التضحيات لتلعب دور ''الفاضحة'' لحقيقة المشروع الإيراني وأتباعه في المنطقة ولتحوله قسراً من استراتيجية التغلغل والاختراق الناعمة التي حققت نجاحات كبيرة في غفلة من الأمة الإسلامية إلى استراتيجية التغلغل والاختراق العنيفة التي عرته وأظهرت حقيقته وأعادت حسابات المشككين فيه سابقاً والمترددين ليتخذوا الموقف السليم في الوقت السليم وكان من هذه المواقف موقف العلامة يوسف القرضاوي الذي قد يفضي موقفه لتدخل كتلة إسلامية كبرى في التصدي للمشروع الطائفي الإيراني في المنطقة وهو المأمول والمتوقع ـــ بإذن الله.
موقف حزب الله وتدخله السافر في سورية وتدخل الميليشيات الشيعية العراقية والحوثية تحت غطاء الدولة الفارسية التي تدربهم وتسلحهم وتمدهم بالمال والعتاد في الثورة السورية وتدعمها النظام الاشتراكي الطائفي لأسباب طائفية بحتة كشف الغطاء عن عيون نخب الأمة الإسلامية ليعرفوا حقيقة هذه الأحزاب المتسترة بمحاربة أمريكا وإسرائيل وهي تخدمها أيما خدمة في تفكيك الأمة العربية والإسلامية وإفشال ريحها، ودون أدنى شك فإن التدخل الشيعي العنيف سيوقف الاستراتيجية الإيرانية للهيمنة على المنطقة ويعيدها لجحرها شيئاً فشيئاً لتجد الصراعات الداخلية بانتظارها.
أكثر من 80 في المائة من السوريين من الأمة الإسلامية وكذلك نسبة كبيرة من العراقيين الذي باتوا في مظاهرات مستمرة في وجه المشروع الإيراني الجائر، وكذلك انتبهت دول الخليج قيادات وشعوبا إضافة إلى الحكومة اليمنية، فضلاً عن الحراك اللبناني الذي بدأ يتململ من هيمنة حزب الله على لبنان واختطافها إلى المجهول، وكل ذلك في إطار حوار كبير في مصر والمغرب العربي يدعو في محصلته للوقوف في وجه المشروع الإيراني الطائفي الصفوي المدمر.
ختاماً أجزم أن المشروع الإيراني الطائفي وصل منتهاه وكشفت الثورة السورية عورته ومنحت دولنا الوقت اللازم لإفشاله والقضاء عليه، ولا شك أن مآلات الثورة السورية التي أذهلت العالم وأحرجته بجميع أجنداته سيكون لها الأثر الكبير في تحييد المشروع الطائفي الإيراني والقضاء عليه لتنعم دول المنطقة بالأمن والأمان والتنمية بعيداً عن التدابر والتباغض والاحتراب الطائفي المُدمِّر.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي