رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


العراق تحت مطرقة النظام الطائفي

الحياة منذ أن خلق الله الكون وهي في تغير وتحول ولا تستقر على حال واحدة، بل هي في تقلبات وتحولات، ففصول السنة والرياح والأمطار والحرارة والبرودة، والليل والنهار، هذه وغيرها في الجوانب المادية، لكن هناك تحولات في المجتمعات وفي الناس سواء من حيث الفقر والغنى، أو الاستقرار والأمن أو الاضطراب والحروب والسلام، أو الصحة والمرض. وبتأمل بسيط في أوضاع بعض المجتمعات يلمس المرء هذه الحقيقة، فكم من مجتمع كان فقيراً معدماً وفجأة تغير وضعه وأصبح غنياً، وكم من مجتمع كان هادئاً آمناً وفجأة أصابه الاضطراب الأمني ودب الخوف والذعر في الناس حتى أصبحوا لا يأمنون على أنفسهم ولا ممتلكاتهم ''وضرب الله مثلاً قريةً كانت آمنةً مطمئنة يأتيها رزقها رغداً من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون''.
الوضع في العراق منذ 2003 ينطبق عليه قانون التغيير الإلهي، حيث تحولت الأوضاع في هذا البلد إلى وضع غير مستقر، وأصبحت الأخبار الواردة من هناك قتل وتفجير وتدمير ممتلكات وعدم استقرار سياسي، وما يؤلم في الوضع العراقي وغيره أن الشرفاء يتعرضون للمذلة والإهانة صباح مساء، وعلى أيدي أناس فقدوا مشاعر المواطنة، بل الإنسانية، أصبح ديدنهم التلذذ بعذابات الناس.
يخرج الناس للمطالبة بحقوقهم المشروعة من كرامة وعدالة ورفع ليد القمع والاستبداد المدفوع بالطائفية الكريهة، ويواجهون بمزيد من القمع، والقتل والسجن والتعذيب وإهدار الكرامة لا لشيء إلا أن هؤلاء رفعوا أصواتهم، وبسلمية يطالبون بالعدالة والمساواة. خرج العراقيون منذ أربعة أشهر في الميادين يطالبون بحقوقهم، ويتم وصفهم بأقذع الأوصاف، ويتهمون بالتطرف والطائفية رغم أنهم لم يحملوا سلاحاً، ولم يتلفظوا بكلمة سوء، لكن الرد كان بالسلاح كما حصل في الفلوجة، وكما حصل في الحويجة أخيرا، حيث اقتحم الجيش العراقي ميدان الكرامة وقتل العشرات وجرح المئات، هذا عدا عشرات الآلاف المعتقلين في السجون وهم من فئة واحدة.
تذكرت في هذه الأثناء وأنا أتابع أحداث العراق الشاعر علي بن الجهم حين وفد إلى بغداد من الصحراء، وقابل الخليفة، وأنشده قائلا:
أنت كالكلب في الوفاء
وكالتيس في قراع الخطوب
هل أودعه الخليفة السجن كما يفعل المالكي في الشعب العراقي رغم أن العراقيين لم يصفوه بأي لفظ سيئ، وهل قتله كما يفعل نوري؟ كلا، بل أكرمه وأسكنه في دار الضيافة المطلة على نهر الفرات. تعامل الخليفة بكل لطف وإدراك أن ابن الجهم جاء من الصحراء وهذه ثقافته، ومصيره التغير مع الوقت حين يعيش في المدينة، وهذا ما حدث حيث بعد أشهر قال قصيدته المشهورة:
عيون المها بين الرصافة والجسر
جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
الفرق بين الليلة والبارحة كبير لأن الفرق بين العقول كبير، فحاكم الأمس حكيم ورشيد، وحاكم اليوم لا يرى إلا السلاح هو الطريق الأوحد لاستمراره في الظلم والجبروت.
أمريكا منذ احتلالها العراق، ووضع دستور يعرف بدستور بريمر هيأت العراق لثقافة جديدة عليه لم يعرفها منذ قرون، حيث أوجدت أرضية اجتماعية متنافرة متناحرة، وذلك بتسليمها العراق لإيران وحلفائها أمثال المالكي والصدر والحكيم ومعهم ميليشياتهم التي تمارس القتل على الهوية، وتتعمد سلب كرامة الناس، لذا لا خلاص من مطرقة النظام الطائفي إلا بالتخلص من آثار الاحتلال ممثلاً في الرموز الممثلين لإيران.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي