رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


سكة الحديد ورئيسها الجديد

تولِّي أخينا الفاضل محمد السويكت مسؤولية إدارة المؤسسة العامة للسكك الحديدية يذكرني بمسابقة المتواليات، حيث يبذل كل متسابق طاقة جهده في الجري حتى يصل إلى نقطة التبادل مع زميل آخر يكون في حالة استعداد لمواصلة المشوار من حيث انتهى الأول. وهكذا تتوالى الإنجازات. فالذين سبقوا الأخ السويكت في هذه المهمة الوطنية هم من خيرة الرجال المشهود لهم بالتميز والخبرة الإدارية والمواطنة الحقة والإخلاص والأمانة. وما عليه إلا إكمال ما بدأوه لتطوير خدمات هذا المرفق الحيوي لتتماشى مع متطلبات المرحلة المستقبلية فيما يخص نقل نسبة كبيرة من أحمال مركبات النقل البري إلى القطار. وما لا شك فيه أن أمام الرئيس الجديد تحديات لا حصر لها، لعل أهمها وأكثرها صعوبة الحصول على المال اللازم لتمويل مشاريع سكة الحديد الجديدة ومرافقها. ولأنها بطبيعتها مؤسسة غير ربحية ظاهريًّا، فهي ليست ضمن أولويات أصحاب القرار. وإن كان المردود العام لعملياتها خلال العقود القادمة على الاقتصاد الوطني وعلى الحياة الاجتماعية يفوق التصور. فالخطوط الحديدية ليست فقط حديدا يسير على حديد، بل هي وسيلة نقل مريح وآمن، توفر المليارات من براميل الوقود وتزيح الكثير من المركبات الكبيرة والصغيرة عن الطرق العامة وتنقل وظائف خدمات النقل من العمالة الأجنبية إلى المواطنين. وهذا في حد ذاته مكسب وطني واقتصادي في غاية الأهمية في وقتنا الحاضر.
لقد مر أكثر من 60 عاما على إنشاء خط الحديد الوحيد في المملكة بين الدمام والرياض، ولم يطرأ على هذا الخط العتيق تغيير جوهري يُذكر. ونحن لا نتحدث هنا عن خطوط السكك الحديدية الجديدة التي بعضها قد تم إنشاؤها لأغراض صناعية من المناطق الشمالية إلى الجبيل وفي مناطق الحج والعمرة والمدينة المنورة، وهي دون شك خطوات جيدة ومباركة. لكننا سنحصر حديثنا اليوم فيما يخص المنطقة الشرقية. فسير المركبات الثقيلة على الطرق السريعة بين الرياض والدمام قد بلغ الحد الأقصى من الخطورة على حياة المسافرين. وبإمكان أي مسؤول أن يشاهد بنفسه كيف أن تلك المركبات في كثير من الأحيان تحتل مسارين من الخط السريع عند تجاوزها لبعضها، تاركة خط سير واحد فقط للمسافرين. وتأتي خطورة مثل هذه الممارسات عندما يوجد في اللحظة نفسها أحد الذين يقودون مركباتهم بسرعة جنونية فيحشر نفسه بينك وبين الحافة اليسرى من الطريق، مسببًا لك حرجًا قد يقود إلى حادث مريع لا قدر الله. والارتفاع المخيف لعدد المركبات الثقيلة في حد ذاته عبء كبير على الاقتصاد الوطني، بما تستهلكه من الوقود المُخفَّض وما تجلبه لنا من عشرات الألوف من العمالة الأجنبية التي تتمتع هي الأخرى بمزايا التخفيضات الكبيرة في معظم متطلبات الحياة. ناهيك عن مليارات العملة الصعبة التي تستنزفها قيمة شراء المركبات الثقيلة من اقتصادنا. ولكم أن تتخيلوا الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والوظيفية وتوفير صيانة الطرق والحد من وقوع الحوادث المرورية حفاظا على أرواح المواطنين، لو أننا استبدلنا نسبة كبيرة من تلك المركبات بخط حديدي واحد مخصص لنقل الأحمال الثقيلة من الدمام إلى الرياض والعكس، تشغيل وصيانة بأيدٍ وطنية. ومن المعلوم أن خطوة كهذه تستدعي إيجاد توسعة كبيرة للموانئ الجافة الموجودة حاليا على طرفي سكة الحديد في ميناء الدمام والرياض.
وتمشيا مع متطلبات العصر الحديث والحاجة المُلِحة، فإننا نقترح أن تدرس الإدارة الجديدة لمؤسسة سكة الحديد إمكانية تسيير خطين من الدمام إلى كل من الجبيل والأحساء. بحيث تكون حركتهما من الساعة الخامسة والنصف صباحًا حتى السادسة مساء، على فترات تراوح بين الساعتين وثلاث ساعات، حسب متطلبات أفراد المجتمع الذين سيستخدمون هذه الخدمة. وتكون القطارات مهيأة لخدمة الركاب والبضائع الخفيفة، مثل المنتجات الزراعية المحلية. وسيكون لهذه الخدمة -بإذن الله- فوائد ومزايا لا حدود لها، ليس أقلها سلامة المسافرين وتوفير الوقود والحد من أعداد المركبات التي تزدحم بها طرقنا الرئيسة بين تلك المدن.
هذا، وقد حان الوقت، بعد 60 عاما من عمر سير القطار التقليدي من المنطقة الشرقية إلى العاصمة الرياض، للتفكير في إنشاء خط جديد يسير عليه قطار الركاب بواسطة التيار الكهربائي، ويكون معدل سرعته بين 200 و300 كيلومتر في الساعة. وهذا أيضًا سيكون له مردود إيجابي على سلامة المسافرين وتوفير المزيد من الوقود وتقليل عدد المركبات الصغيرة التي عادة ما يستقلها شخص واحد أو اثنان.
أما إذا تركنا الأمور على ما هي عليه الآن دون أن نحرك ساكنا، كما اعتدنا أن نفعل خلال السنوات الماضية، فإن الأمور ستتحول من سيئ إلى أسوأ. وسنجد أنفسنا بعد عشرة أو عشرين عاما وقد أقفلت المركبات الكبيرة طرقنا واستهلكت كميات هائلة من الوقود النفطي المخفض وأنهكت اقتصادنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي