جائزة في الوطنية

نحن ننظم مهرجانات للأفلام السينمائية، ولا يوجد لدينا دور عرض. ونطلق جائزة وطنية للإعلاميين ونمنحها لقناة أجنبية ليست محايدة.
ونطلق مبادرات للترشيد، ولكننا نكرس للإسراف والتبذير في حفلاتنا ومناسباتنا العامة.
ونتحدث عن تحديد المهور ونتباهى في الوقت نفسه عند تسجيل عقد النكاح بقيمة المهر المرتفعة.
ونناقش من حين لآخر قضايا المرور، ولكننا عندما نمتطي سياراتنا نتحول إلى ذات الشخص الذي ننتقده. ونكتب عن الواسطة معلقات طوال، ولكننا ننساق بمنتهى الأريحية للتوسط من أجل أن يتخطى شخص آخر في منافسة تنأى بثقل الواسطات والممارسات غير النزيهة.
ويطالب الطبيب الناس بممارسة الرياضة، وجسمه ينأى بكتل اللحم والشحم التي يعبر لسان حالها عن عبارة : لا تصدقوني، أنا مجرد شخص ثرثار.
الرشوة هي الأخرى فعل مرفوض من كل الناس، ولكن الهدية مقبولة ومن غير اللطف أن ترفض قبول هدية أو دعوة من هذه الجهة أو تلك باعتبار أنه: لا يرد الكريم إلا اللئيم.
لقد تم تهجين النماذج الطيبة، فأصبح الكلام الجميل محض مثاليات، يتم التعاطي معها باعتبارها من مكملات البرستيج والمظاهر الاجتماعية. تلك المظاهر التي تجعل الفاسد والحرامي يتبرع بالقليل، ومطلوب من المجتمع أن يمارس التصفيق له، وتسميته رجل الخير والبر والتقوى.
حتى الوطنية أصبحت معروضة للبيع والتأجير والتغيير والتبديل، وصارت شركات العلاقات العامة تمارس الكذب والتجديف باسم الوطن. وبالتالي فانتقادها: خيانة.
وأصبح الوطني في عرف مواقع التواصل الاجتماعي، هو من يكيل الطعنات للوطن ورموزه، ومن يقول سوى ذلك، يتم اتهامه أيضا بالخيانة والنفاق.
إنه واقع شاذ، محبط، رديء.. ولا تنتهي تناقضاته أبدا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي