رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


نظرية القرود.. وتطبيقات المساءلة

يُحكى في أدبيات الإدارة أ‍ن مجموعة من القرود وضعت في قفص، وفي وسط القفص وضع سلم وعليه حبات من الموز، وكلما حاول أحد هذه القرود التسلق لاختطاف الموز، تمت معاقبة بقية القرود برشها بالماء البارد. تكونت لدى مجموعة القرود قناعة لمحاربة من يحاول الصعود لالتقاط هذه الموزات. وبعد فترة تم استبدال أحد القرود، ما دعا الضيف الجديد لمحاولة اقتناص الفرصة للحصول على غنيمته من الموز، لكنه وجد مقاومة من مجموعة القرود لثنيه عما يفكر فيه، ومع الزمن تغيرت جميع القرود التي عاصرت فترة العقاب، لكن فكرة محاربة من يحاول التسلق لالتقاط هذه الموزات بقيت فاعلة ومستمرة، حتى بدون معرفة للأسباب الحقيقية وراء هذا التصرف التلقائي الذي تنتهجه مجموعة القرود ضد من تسول له نفسه التسلق وتغيير الواقع بالحصول على الموز المزجى على السلم.
هذه التجربة يستفاد منها في معرفة مقدار محاربة ومقاومة فكرة التغيير في المجتمعات، وهذا الأمر طبيعي في كثير من المجتمعات البشرية أيضا. لذلك نقول دائما إن مقاومة التغيير دائما ما تنشأ لصد أي فكر جديد يمكن أن ينتج عنه تغيير إيجابي أو سلبي. لكن التجمعات البشرية تمتاز بميزة الفكر الذي يمنحها فرصة لإدارة التغيير وكشف محاسنه للمتلقي، من خلال التخطيط لتنفيذ التغيير المرحلي. لكن تبقى المصالح الخاصة والانتفاع من الواقع من أكبر عوائق إدارة التغيير، التي يمكن أن تواجهها المنظمات والمجتمعات.
تطبيقات المساءلة أيضا ستمر بفترة من مقاومة التغيير، ومحاولة المنتفعين لتحجيم ممارسات المساءلة، أحيانا بالإيحاء بصعوبة ممارسة التغيير وتطبيق مبادئ المساءلة، وأحيانا كثيرة من خلال إنشاء صورة نمطية سلبية عن عقبات تفعيل سياسة التغيير للوصول لبيئة تمارس المساءلة، وما قد يواجه المجتمع من تحديات يمكن ألا تحل، مما يعيق تنفيذ هذه الممارسات بالشكل المأمول.
لذلك لا نتعجب من بطء التغيير في هذا المجال، الناتج من خبرات تراكمت عن تجارب وحياة لا تفعل ممارسات المساءلة بالشكل الذي يخدم المجتمع. الأكثر تعجبا هو غياب دور مؤسسات التعليم العالي عن نشر ثقافة المساءلة وتفعيل دورها في بناء مجتمع صحي يحقق مصالح مختلف الأطراف، ويقف بالمرصاد لمن ينتفعون بتحقيق مصالحهم الشخصية من خلال إضعاف أو تغييب مقومات وممارسات المساءلة الفعالة في المجتمع.
الإعلام كسلطة رابعة يلعب دورا محوريا في نشر ثقافة المساءلة وكشف مواطن الخلل. لكن إعلامنا المحلي يتأرجح بين رغبات حقيقية لمحاربة الفساد، ومواقف محلية أو دولية يسعى لمواكبتها، تاركا المجال لقنوات الإعلام الجديد لكشف مواطن الخلل ومحاولة إصلاح الواقع دون انضباطية في كثير من الأحوال. هذا الواقع في حاجة إلى التفاتة من مؤسسات الإعلام الرصينة لاستيعاب هذا التدفق المعرفي الهائل لإدارة سياسة التغيير للأفضل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي