لماذا الاندفاع لعمليات التجميل؟!
أعود للكتابة عن هذا الموضوع بعد أن تناقلت وسائل الإعلام خبراً مفاده أن ''السعودية احتلت المرتبة الأولى عربياً في عدد عمليات التجميل - بحسب إحصائية للجمعية الدولية للجراحة التجميلية، إذ بلغ عدد عمليات التجميل نحو 141 ألف عملية في عام 2010 وحده، وبذلك دخلت السعودية ضمن أكثر 25 دولة في العالم تنتشر فيها عمليات التجميل، ويضيف الخبر أن الشابات في الأعمار بين 19 و30 عاماً هن الأكثر إقبالاً على عمليات التجميل! أما عالمياً، فيصل عدد العمليات إلى نحو 19 مليون عملية تجميل، نصفها لإزالة التجاعيد وإطالة الشعر، هذا عدا استهلاك ثلاثة ملايين حقنة بوتوكس سنوياً.
وبناء على هذه البيانات فإن المملكة تتفوق على الهند والصين في معدل إجراء العمليات التجميلية، وذلك لارتفاع الإمكانات المادية في المملكة مقارنة بتلك الدول، ولكن المملكة تأتي - بالطبع - بعد الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا والمكسيك واليابان والبرازيل وكندا.
ليس من الصعوبة ملاحظة انتشار عيادات التجميل وصالونات العناية بالمرأة بدرجة ملحوظة، الأمر الذي يأتي نتيجة هوس المرأة السعودية بتغيير شكلها، ما بين رفع أرنبة الأنف، وترميم الحواجب، وعمل الوشم ''التاتو'' لرسم الحواجب، وترميم ما بعد الولادة، ونفخ الشفاه، ونفخ الصدر، ورفع الصدر، وتنزيل الصدر، وتكبيره أو تلوين أجزاء منه، ورفع الوجنات وعمل ''غمازات الخد'' ونحوها!
لا اعتراض على إجراء العمليات التجميلية التي تهدف إلى تصحح عيب في أحد أعضاء الجسم، أو إزاحة أي خلل ملحوظ يتسبب في إحراج الفتاة، بل إن ذلك أمر ضروري، لكيلا يؤثر ذلك سلباً في درجة اندماج المرأة في المحيط الاجتماعي، أو يحرمها من فرص ممارسة عملها وحياتها بشكل طبيعي. ولكن المؤسف أن يكون هناك سباق محموم، وسلوك يحدوه الفراغ والتنافس والتباهي والإمكانات المالية العالية.
إلى جانب الهدر المادي الكبير، فإن المبالغة في عمليات التجميل تؤدي إلى مشاكل صحية متنوعة، خاصة مع ضعف المراقبة وكثرة التجاوزات والأخطاء، إلى جانب استغلال عيادات التجميل للنساء، من خلال حثهن على إجراء عمليات تجميلية، بعيداً عن أي نوع من المراقبة من قبل وزارة الصحة.
ليس من المناسب الانتظار إلى أن تطفو على السطح المشكلات والممارسات السيئة لهذه العيادات والمراكز الصحية التجميلية، لتتحرك الجهات الرقابية وتستنفر قواها الضعيفة لإصلاح الأوضاع. لماذا لا تقوم الوزارة وهيئة الغذاء والدواء بواجباتها لحماية المواطن من الاستغلال واستخدام مواد أو أجهزة قد تكون محظورة في الدول المتقدمة. ولماذا تعتمد معظم البرامج التلفازية على أصحاب هذه العيادات وملاكها عند الحديث عن ''عمليات التجميل''، خاصة أن مصداقيتهم قد تتأثر بتعارض المصالح. أليس دور التوعية المحايدة يقع على عاتق وزارة الصحة والجهات الرسمية الأخرى، لتضع أمام المواطن معلومات ذات مصداقية عالية عن أنواع العمليات التجميلية وأضرار كل منها؟!