«الاتصالات المتكاملة».. القضاء أو المزاج

لن تنهي قصة الشركة السعودية للاتصالات المتكاملة بإلغاء الترخيص الممنوح لها ورفع اللجنة الوزارية بتوصية لتصفية الشركة. برغم المخالفات الناشئة من تلك الجهات الرسمية في كل ما يتعلق بتأسيس هذه الشركة، والاختلافات التي نشأت وتراكمت بين هذه الجهات وبين الشركة. ما أوصل الأمر إلى نقطة كان يستحيل معها أن يصدر قرارا عادلا لجميع أطراف المعاملة. في هذه النقطة بالذات كان من الواجب أن تحال القضية إلى محكمة اقتصادية متخصصة في النظر في مثل هذه الحالات، لكن الواقع يقول إن سوقنا يفتقد لوجود الجهة القضائية القانونية المتخصصة في القضاء الاقتصادي، ليبقى الحكم في أيدي من كانوا طرفا في دخول الشركة للسوق، وطرحها للاكتتاب العام.
قضية الشركة طرحت وأشبعت نقاشا، والقضية ستمر وتختفي معها أسرارها ولن تكون درسا نستفيد منه في تطوير السوق، سيتحمل أضرار هذا القرار المساهمون ثم المؤسسون والدائنون، وسيبقى الشريك في هذا الجرم حرا طليقا يهدد سوقنا بشركات أكثر خطورة وأكثر انتهاكا للأنظمة والقوانين التي تسير على المزاج.
قضية الشركة، وغيرها من القضايا التي تعرض لها السوق السعودي منذ عام 2006 يجب أن تكون دروسا يستفاد منها في تطوير السوق، وسن الأنظمة التي تتجاوز المشكلات والثغرات الموجودة في الأنظمة المصدرة، وتكون نقاط تغيير إيجابي لمصلحة الاقتصاد الوطني والسوق المحلية. لا أن تكون بصمات سوداء تشارك الجهات الرسمية التنفيذية في تخبطها بإيجادها، ثم لا تلبث أن تئدها بيديها حتى لا تنكشف الأمور.
كيف للجنة الوزارية المشكلة بدراسة وضع الشركة أن توصي بتصفية الشركة، وعلى من وضعت هذه اللجنة الخطأ الذي ارتكب، في حين أن هذه الجهات شاركت في مجاراة الوضع وتضليل المساهمين والمجتمع بدءا بوجود الشركة، وسايرتها في ارتكاب المخالفات التي تستند إليها اللجنة في إصدار توصيتها بتصفية الشركة.
لماذا لا تتعامل اللجنة الوزارية بشفافية أكبر وتوضح مقدار الخطأ الناشئ من دور الجهات الرسمية التي أباحت هذا الجرم وسمحت بتمريره إلى السوق، وتضليل المساهمين. ثم عطلت العمل في هذه الشركة وجمدت رخصة التشغيل التي تضرر منها الكثير بدءا بالمساهم البسيط والعميل المنتظر لخدمات الشركة، مرورا بالمؤسس الذي حجزت أمواله بغية الاستثمار والتأسيس، وانتهاء بسمعة الاقتصاد الوطني والسوق المحلي، الذي يستعد للانفتاح على الاستثمار المؤسسي الأجنبي. وكيف ستكون الحالة في حال دخلت لنا بعض الشركات الأجنبية التي تتقن التلاعب في الأسواق وتجاوز الثغرات باحترافية.
لن تنتهي قضية الشركة المتكاملة وستبقى وصمة عار في مسيرة السوق السعودي مثلها مثل النكسات التي تعرض لها السوق في مراحل مختلفة، وإلى الآن لم نصل إلى حلول لها أو محاسبة لمن أسهم في اختراقها.
الحلول يمكن أن تبدأ من تأسيس المحاكم الاقتصادية المتخصصة والمستقلة، التي يجب أن تمارس عملها بشفافية وعدالة على جميع الأطراف ذات العلاقة، حتى نضمن وجود سوق عادل وسوق ناضج وآمن للاستثمار المحلي والأجنبي. وسيبقى غياب هذه الجهة سببا في العزوف عن دخول شركات ذات سمعة عالمية تتطلع لاستثمارات طويلة الأجل، وسيبقى سوقنا نقطة تزود لمحترفي التلاعب والتجاوز.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي