البويات.. انتكاس فطرة الأنثى

حين عقد خالد النية على توديع عهد العزوبية والتفكير الجدي بالزواج قام بتجنيد والدته وشقيقاته للبحث له عن عروس المستقبل، ورغم أن شروطه التعجيزية كادت تدخل اليأس في قلوب أفراد عائلته وتدفعهم لرفع راية الاستسلام، إلا أنهم في كل مرة كانوا يصمدون وينجحون في العثور على فتاته المنشودة من وجهة نظرهم وعلى حسب شروطه، ولكن بمجرد أن يرى أي فتاة ''بالشوفة الشرعية'' فإنه يخرج وهو عاقد العزم على عدم العودة إليها، حتى بدأت الوساوس تسري في قلب والدته أن يكون أحدهم ''صكه بعين'' أو عمل له سحراً، ولأن ''كثرة الدق تفك اللحام'' فقد أعلنت والدته قرارها الأخير بالكف عن البحث له عن فتيات جديدات.
لم يجد خالد بدا من الاستعانة بصديق عمره، الذي رشح له بنت ولد عم زوج ابنة خالته، وذكر له كيف أن شقيقاته امتدحنها له بشكل كبير ووصفنها بالفتاة ''المودرن'' التي تجعلك تتشرف بها في كل مناسبة ومحفل نسائي، ولأن خالد يثق باختيار صديق عمره فقد طلب منه الترتيب مع أهل الفتاة حتى يتمكن من زيارتهم ورؤيتها ''بالشوفة الشرعية''.
ذهب خالد للحلاق في ذلك اليوم وتعطر وتزين وارتدى أفضل ما عنده وكاد يتأخر،لأنه وقف كثيرا أمام مرآة سيارته وهو ''يضبط'' مرزام شماغه، لأنه يريد لفتاته أن تراه بشكله النجدي الرجولي، الذي يشعرها بضعفها وأنوثتها أمامه واحتياجها إليه كرجل يرمز لمصدر القوة في الحياة الزوجية، رحب والد الخطيبة به ثم استأذن لينادي ابنته، وما هي إلا دقائق حتى دخلت ''موضي'' ترتدي بنطالا بكينيا فضفاضا رماديا تحت الركبة بقليل، وبلوزة سوداء واسعة بها رسوم فضية متداخلة في بعضها البعض، وفوق ذراعها اليمنى وشم مستطيل على هيئة أفعى الكوبرا، كانت موضي أشبه ما تكون '' بالفزاعة'' في هذه الملابس خاصة أنها نحيلة بشكل كبير، أما شعرها فقد كان محلوقا ''على الصفر'' بمحاذاة أذنيها فيما هو خفيف من الأعلى، لم تضع أي زينة على وجهها، باستثناء قرط صغير ثقبت به شفتها السفلى، حين ألقت عليه السلام هب واقفا ورحب بها بحرارة ثم جلس صامتا، وحين رأت صمته صمتت بدورها، بعد قليل دخل الأب وجلس ولاحظ الجو الفاتر بين الخطيبين، تململ خالد لكنه لم يجد بدا من التحدث: عفوا يا عمي متى ستأتي خطيبتي لأراها؟
صدم الأب، ومما زاد الطين بلة حين استدرك خالد قائلا: ربما هي تشعر بالخجل لوجود شقيقها معنا في المجلس!
وحين علم أن من تجلس أمامه هي موضي وليست شقيقها حاول الاعتذار ولكن الأوان كان قد فات بسبب غضب الوالد، علما أن موضي تقبلت الأمر بروح رياضية قائلة له ''أصلا أنا رافضة الزواج من الأساس واعتبرني من اليوم واحد من أخوياك''!
ظاهرة ''البويات'' انتشرت بشكل كبير بمجتمعاتنا ومعها انتكست فطرة الأنثى لأن تكون أماً وزوجة فيما بعد، وهي لا تقتصر فقط على مخالفة الفطرة بالشكل الخارجي، بل بالممارسات السلوكية المنحرفة والميل للجنس المماثل تحت مظلة الحرية الشخصية، وهي مظلة سرعان ما ستسقط على رؤوسنا وعلى كل من تجاهل هذه الظاهرة من أسرة ومربين وعلماء نفس واجتماع ودين.
فمتى نصحو؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي