رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


توحيد مرجعية الإسكان.. هل يطبق في الصناعة؟

صدور الأمر الكريم لخادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بتسليم كل الأراضي (المنح) المخصصة للمساكن، إلى وزارة الإسكان، وقبل ذلك إسناد رئاسة صندوق التنمية العقارية لوزارة الإسكان، وقبل هذا وذاك عمل وزارة الإسكان على إعداد خطة استراتيجية للإسكان. نفهم من جميع ذلك وجود نظرة حكيمة لهذا الوالد الغالي تتمثل في توحيد المرجعية للوصول إلى تحقيق الأهداف المرجوة.. فدائما وفي مختلف المجالات تعتبر المرجعية الواحدة هي الحل الأمثل للتطوير والإنجاز وحل أي مشكلات تواجه الجهة المعنية، فهي المرجع للتنظيم وتوحيد القرارات واختصار الوقت والجهد، فتحديد التخصصات أو المسؤوليات أو الأدوار يعد من أهم محاور النجاح والعطاء في أي مجال كان، وما يقتل النجاح ما هو عكس ذلك من تشعب الصلاحيات وتعدد المرجعيات وازدواجية الأدوار.
من وجهة نظري إن تداخل القرارات وتشعب الصلاحيات والاختصاصات تؤدي بدورها إلى التأخير وعدم التطور والإنجاز، فعند عدم وجود المرجعية تجد كل جهة تعمل تقريبا بمعزل عن الأخرى، وهم بالفعل يقومون بأعمالهم على أكمل وجه، ولكن عدم وجود المرجعية الواحدة وتعدد الأنظمة لكل جهة يؤدي كما أسلفت إلى عدم الإنجاز وتحقيق الأهداف.
ومن خلال ما أصدره خادم الحرمين الشريفين فيما يخص الإسكان، وما يؤكد عليه دائما في إن الصناعة خيارنا الاستراتيجي لتنويع الدخل، يدفعنا ذلك كصناعيين إلى تجديد آمالنا بضرورة توحيد مرجعية الصناعة، حيث يحتم علينا الوقت الراهن البدء في هذه الخطوة، خصوصا في ضوء سعينا منذ أكثر من 40 عاما إلى تنويع مصادر الدخل من خلال الخطط الخمسية وتصريحات القيادات المتعاقبة، مستغلين بذلك الوفر المالي الذي نعيشه اليوم في تحقيق هذا الهدف، واستغلال أيضا وجود رجل كوزير التجارة والصناعة الذي أحدث ثورة في هيئة المدن الصناعية وتطورها وما أضافه إلى الصناعة السعودية من خلال هذه الهيئة.. وأؤكد هنا كما ذكرت سابقا أننا لا ننكر دور وزارة التجارة والصناعة في محاولة دعمها للصناعة، ولكن تعدد مهامها وتشعبها يضعف التركيز على الصناعة التي لابد لها من مصارعة الوقت، فالتقدم العالمي في هذا المجال الحيوي سريع جدا، مما يحتم علينا عدم البدء من حيث بدأ الآخرون، وإنما من حيث انتهى الآخرون، كي نرى صناعاتنا في رأس الهرم الصناعي العالمي.
من الضروري والمهم زيادة الاهتمام بالصناعة من خلال مرجعية خاصة بها، وإحداث تحول هيكلي في القطاع الصناعي، ورفع نسبة الصادرات الصناعية، وبالتالي تحقيق ما يؤكده دائما خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - في أكثر من مقام، من منطلق رؤيته المستقبلية الحكيمة، على أن خيارنا الأول في تحقيق تنمية مستدامة واقتصاد متين ومستمر، هو الصناعة وتوطينها، حيث بذل جهودا جبارة في هذا المجال، وقدم دعما كبيرا ومستمرا سواء كان ماديا، أو معنويا.. ولن يبقى إلا اتخاذ القرار بتوحيد المرجعية لتحول الرؤية لواقع، وتحقيق أحد أهدافنا المتمثل في زيادة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي.
من وجهة نظري إن الصناعة ليست سرعة إصدار التراخيص الصناعية أو زيادة الرسوم بأشكال مختلفة ودون سابق إنذار التي عادة تبني على دراسات ضمن معطيات معينة، بل هي أهداف تحقق طموح القطاع ضمن جدول زمني معين يراعى فيه ما وصل إليه الآخرون في الدول المتقدمة، حيث يتطلب ذلك أن نعمل بكل جد على تعظيم الاستفادة من المجال الصناعي، وجعل صناعاتنا منافسة عالميا في جميع المجالات، وعدم احتكار منافستها على مجالات محدودة، إضافة إلى ضرورة زيادة الاهتمام بتنمية الإبداع والابتكار باعتباره ركيزة أساسية في التنمية الصناعية، حتى نستطيع تحقيق الصناعة المستدامة، وذلك لما للصناعة من أهمية بالغة، ليس من منطلق ما تدخل فيه من متطلبات الحياة اليومية وحسب، وإنما من منطلق دعم الاقتصاد وقيامه ورقيه.
لا يمكن لأي دولة أن تكون ذات اقتصاد قوي دون صناعة وإن اختلفت مجالاتها، فهي تعد الخيار الوحيد لنا، ومن الأولى تطويرها ودعهما، وزيادة الاهتمام بها، إذ لن يتحقق ذلك بشكل كامل دون وجود جهة خاصة بالصناعة، حيث من المفترض أن تعتبر وزارة التجارة والصناعة المرجعية الأولى والأخيرة لها، ولكن نرى تداخلات جهات عديدة في هذا القطاع كوزارة البترول والثروة المعدنية، هيئة تنظيم الكهرباء، الهيئة الملكية للجبيل وينبع، وزارة العمل، إمارات المناطق، هيئة الأرصاد والبيئة، صندوق التنمية الصناعي، الشركات الكبرى كأرامكو وسابك وغيرهما، ما يعمل بدوره على ضياع الجهود وتشعب الصلاحيات وبالتالي ضعف التقدم الصناعي وتحقيق الأهداف المرجوة، ولحل هذه المعضلة لابد من وضع مرجعية خاصة للصناعة تعنى بشؤونها من جميع الجوانب ولا يكون لأي جهة تداخلات في ذلك، كي نحقق هدف ورؤية خادم الحرمين.
إن الصناعة خيارنا الاستراتيجي ووجوب زيادة مساهمتها في الناتج المحلي.. وهنا اسمحوا أن أكرر مقولاتي السابقة .. رفقا بالصناعيين ووحدوا مرجعيتهم تحت أي مسمى، المهم تحقيق الهدف .. فهذا أملنا ومطلبنا، ونتمنى أن يؤمن به المسؤولون ونراه واقعا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي