رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


رؤية خالد الفيصل.. مستقبل الإدارة المحلية

''أهم ما كنا نسعى إليه هو وضوح الرؤية.. أن نعرف تماما ماذا نريد؟ وكيف نريد الوصول إليه؟ وكم المدة الزمنية التي تلزمنا للوصول إليه؟'' ربما اختزل هذا التصريح للأمير خالد الفيصل نهجه في تطوير الإدارة المحلية، أو بتعبير أدق إصلاحها. وعندما يتحدث الأمير خالد الفيصل عن الإدارة المحلية، فهو يتحدث بلسان العارف بشؤونها، المدرك تحدياتها، ومن منطلق تجربة ثرية في العمل الحكومي أثبت خلالها حنكته ورؤيته التطويرية ونهجه في الاقتراب أكثر من المواطن وتلبية احتياجاته. لذا يقترن اسم الأمير خالد الفيصل بالإدارة المحلية السعودية كأحد أهم رموزها وروادها، ليس كممارس حقق نجاحات على صعيد العمل الحكومي المحلي من خلال مركزه الرسمي كأمير منطقة وحسب، لكن كقيادي فذ ذي رؤية ثاقبة وفكر مستنير وقدرات وملكات متنوعة وجسارة في طرح أفكار ومبادرات إبداعية للارتقاء بالعمل الحكومي المحلي، حتى في ظل الدائرة الضيقة من الصلاحيات. وما يميزه كقيادي ثقافته العالية التي تمنحه القدرة على الجمع بين فن الممارسة والتعبيرعنها بأسلوب لغوي يصف كامل تفاصيل التجربة الإدارية برؤية شاملة وطرح متميز وبحس وطني موضوعي وعقلاني. همه السعي نحو تطوير الإدارة المحلية السعودية، فهو يرى أنها جذور التنمية الوطنية والجسر الذي نعبر عليه نحو العالم الأول. تمثل الإدارة المحلية هاجسه الأول، وأنها محور الإصلاح الإداري ليس في إطار زيادة الكفاءة والفاعلية الإنتاجية وتعزيزجهود التنمية الوطنية وحسب، لكن القدرة على الاستجابة لمتطلبات المواطنين كما ونوعا وجودة، التي أضحت أكثر تعقيدا وأعلى سقفا. والمتأمل للمشهد الوطني تتعزز قناعته برؤية الأمير خالد الفيصل في أن المجتمعات المحلية أصبحت أكثر نضجا وقدرة على إدارة شؤونها وعلى صياغة أولوياتها التنموية وتطوير وتحريك مواردها الذاتية في مواجهة التحديات ومعالجة المشاكل واقتناص الفرص وتحقيق تنمية مستديمة، ما يستدعي بالضرورة تمكينها من إدارة شؤونها المحلية وتحمل مسؤولياتها تجاه تحقيق مصالح المجتمع المحلي، ومن ثم محاسبتها على الأداء. وهذا لا يتأتى إلا من خلال منح المسؤولين المحليين، وعلى وجه الخصوص أمراء المناطق، الصلاحيات الإدارية والمالية التي تتناسب مع حجم المسؤوليات العظيمة الملقاة على عواتقهم.
الحديث عن نهج الأمير خالد الفيصل في الإدارة المحلية يأتي من منطلق أنه قيادي يجسد قيم وتطلعات وطموحات المجتمع، ويحولها إلى واقع يعيشه المواطن ويعزز في نفسه الثقة والدافعية بأنه بالإمكان أكثر مما كان، وأن الأحلام والرؤى حتى إن بدت بعيدة يمكن أن تتحقق بتهيئة الفرصة والمناخ العام لتوليد الأفكار الإبداعية وصناعة القرارات الجريئة والعمل الجاد والعزيمة والمثابرة.
قدر القياديين من أمثال الأمير خالد الفيصل أن يكونوا في الطليعة يسبرون أغوار المستقبل ويخوضون تجارب جديدة ويواجهون التحديات والصعاب، وأهمها وأصعبها إقناع الآخرين الذين لم يدركوا بعد رؤيته البعيدة وقصروا عن استشراف المستقبل وتوقفوا عند محطة واحدة وعجزوا عن الذهاب إلى أبعد من الحاضر وما ألفوه واعتادوه! لذا كان اقتراح التحول إلى نموذج جديد للإدارة المحلية ليس بالأمر اليسير، لأن تغيير الفكر النمطي والسلوك المعتاد والأوضاع المألوفة يتطلب جهدا ووقتا وجرأة وشجاعة في الطرح أولاً، ومن ثم الإصرار على تبني الأفكار الإبداعية والسير قدما نحو جعلها مشروعاً وطنياً وتطبيقهاً على أرض الواقع. إن تقديم نموذج جديد للإدارة المحلية ليس ترفا سياسيا أو إداريا، إنما ضرورة تحتمها المتغيرات والمستجدات على الساحتين الداخلية والخارجية. وهنا لا بد من التأكيد على أن التكيف مع المعطيات الجديدة لا يعني بأي حال من الأحوال التخلي عن الثوابت الوطنية - على حد تعبير الأمير خالد الفيصل - إنما الانطلاق منها، فالسعودية لديها إرث إداري وتجربة سياسية عميقة لا بد من الاستفادة منها. فمدرسة الوالد الملك عبد العزيز - رحمه الله - كنز من الحكمة السياسية والإدارية ومورد فياض للأفكار وصناعة القرارات الاستراتيجية الوطنية. ومنهجه في الإدارة المحلية ينطلق من منح الصلاحيات الكاملة للمسؤول المحلي ومن ثم محاسبته على الأداء والنتائج، لأنه كان يؤمن بمقولة ''يرى الحاضر ما لا يرى الغائب''، فالمسؤول المحلي هو من يعايش الأوضاع المحلية ويواجه المشاكل، وهو الأقدر على الاستجابة للمطالب في الوقت المناسب. لذا كان أمراء المناطق نوابا للملك عبد العزيز - رحمه الله - ما جعل السكان أكثر قربا للسلطة المركزية، وهذا يؤكد أن تطبيق اللامركزية يزيد من قدرة السلطات المركزية على التحكم والسيطرة والضبط الاجتماعي والاستجابة بفاعلية وكفاءة لمطالب الناس، وليس كما يتوهم البعض أن اللامركزية تعني إلغاء المركزية أو التقليل من سيطرة الإدارات المركزية.
المحليات هي مكان الحدث وتفاعل الناس، وجميع المشاكل والفرص خرجت من رحم الأحياء السكنية حيث يعيش الناس، ولو قدر أن منحت الإدارة المحلية الصلاحيات المطلوبة لتمكنت من وأد المشاكل في مهدها قبل أن تستفحل وتتحول إلى قضايا وطنية، ولاستطاعت أيضا اقتناص الفرص وتوظيفها في تعزيز التنمية المحلية. لقد أصبح تطوير الإدارة المحلية أمرا ضروريا لا مناص منه ليس كردة فعل تجاه الأحداث، إنما برؤية واضحة ومبادرات خلاقة تمكننا كمجتمع من صناعة مستقبلنا والتحكم في الأحداث وتسييرها كما نريد. ولتحقيق ذلك لا بد من الإنصات للقيادات الوطنية المتخصصة ذات التجربة الثرية في الإدارة المحلية كالأمير خالد الفيصل، فهم الثروة الحقيقية للوطن، وما يمنحنا التميز ويضفي على صناعة القرار العام الحكمة. وكما بدأت المقال بمقولة للأمير خالد الفيصل أختمه بمقولة أخرى تعكس نهجه في الإدارة المحلية: ''إن التحدي الحقيقي الذي نواجهه، هو تحقيق الثقة الكاملة بين المواطن والمسؤول. وكي نحقق هذه الثقة، من الواجب ترسيخ مفهوم أن الإمارة ليست سلطة في يد المسؤول فقط، لكنها سلطة في يد كل صاحب حق، وهي سلطة كذلك لكل مواطن، كي تحميه من كل ما يُعوق مسار حياته''.
من أجل ذلك رؤية خالد الفيصل.. مستقبل الإدارة المحلية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي