رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


زواج .. على شرط السكين!

المشتري الحريص حرصا مبالغا فيه على أعلى قيمة مستفادة من المبلغ المدفوع، هو الشخص الذي يحلو للبعض أن يطلق عليه باللغة الشعبية لقب ''قعيطي''، وهو الذي لا يمكن على سبيل المثال أن يشتري بطيخة إلا إن قام البائع بفحصها من خلال سكينه اللامعة التي تقطع الشك باليقين وتبين ما إن كانت البطيخة حمراء لذيذة أو بيضاء ''مضروبة''!
لكن الإشكالية التي قد تواجه هؤلاء ''القعيطية'' أن الزواج ليس من ضمن الأشياء التي قد تخضع لقانون ''على شرط السكين''، فالزوجة الكاملة والزوج الكامل لم يولدا بعد، وأوهام المسلسلات التركية وغيرها من المسلسلات المدبلجة التي تصور الحياة الزوجية وكأنها إحدى قصص ألف ليلة وليلة التي تنقلك فوق بساط طائر نحو عالم سحري من الرومانسية المعتقة والفراشات الملونة والشموع ذات الوهج المتراقص تحت ضوء القمر، حتى تتخيل الزوجة زوجها وكأنه عنترة أبو الفوارس الذي يهرع إليها بكل لهفة من بين غبار معركة قاوم صليل سيوفها من أجل الفوز بنظرة رضا من عينيها، بل إنها تكاد تنصت إليه وهو ينشد
فوددت تقبيل السيوف لأنها
لمعت كبارق ثغرك المتبسم
أما الزوج فيتخيل زوجته ملكة جمال يخجل حتى القمر من استراق النظر إليها، وتهدهده أحلامه كل ليلة بزوجة رومانسية حالمة تنسج من حياتهما قصة عشق لا تنتهي، تماما على غرار تلك المسلسلات المدبلجة البائسة!
لكن معايشة الحياة الزوجية بوقائعها الحية ستخلق فرقا شاسعا بين الحلم والحقيقة، ففي الحلم قياسا على تلك المسلسلات المدبلجة الزوج يشاهد زوجته تتهادى بدلال وهي تقدم لك كوب العصير مع وردة حمراء وهمسة شاعرية، وفي الواقع الحقيقي هو يشاهد زوجته تتبرم من أنانيته لأنه طلب منها العصير وهي التي عادت للتو منهكة من عملها، وصوت خلاطة العصير المزعج يتعالى في المكان، وفي الحلم قياسا على تلك المسلسلات المدبلجة الزوجة تراقب بشغف وعشق زوجها وهو يقوم بإعداد كعكة جميلة بمناسبة ذكرى زواجهما، وفي الواقع الحقيقي الزوج يسأل بحرقة ما الداعي لشراء كعكة باهظة الثمن ستهز ميزانية الأسرة من أجل مناسبة لا داعي لها؟!
الاختلاف الجذري بين الحلم والواقع هو من أهم الأسباب التي تجعل بعض زيجات الجيل الجديد هشة وغير مقاومة لتقلبات الحياة، وهو ما يفسر نسب الطلاق المرتفعة بشكل جنوني، فالصورة الذهنية الخاطئة عن الزواج بنظر الأزواج الجدد يجب أن تتغير لتكون أكثر واقعية وعمقا وبعدا عن السطحية وخزعبلات المسلسلات المدبلجة، يقول حبيبنا - عليه الصلاة والسلام: ''لا يفرك مؤمن مؤمنة إن كره منها خلقا رضي منها آخر''، فالزوج أو الزوجة عليهما أن يوطنا نفسيهما على وجود عيب أو نقص أو أمر غير مرغوب بالطرف الآخر، فالآخر لا يتشكل حسب ما نريد ونتمنى ونحلم، ويجب ألا تغفل إيجابيات ومحاسن ومزايا الطرف الآخر، بل يجب التركيز عليها حتى تنمو أشجار المحبة والألفة والمودة.
معظم أبطال وبطلات المسلسلات المدبلجة يعيشون حياة زوجية بائسة وفضائحهم تمتلئ بها الصحف والمجلات، ربما لأنهم لم يدركوا بعد أن الحياة الزوجية لا تخضع لقانون ''على شرط السكين''!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي