رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


اخرجوا من المدن الكبرى

الأراضي الحكومية داخل النطاق العمراني في المدن الكبرى صغيرة، لا تلبي إلا جزءا يسيرا من احتياجات الإسكان، وفق الأمر الملكي الأخير.
كم تبلغ تلك الاحتياجات؟
هناك عدة مناح واعتبارات لتقدير أعداد وأحجام المساكن التي ينبغي توفيرها:
- مجاراة النمو السكاني.
- تغير أنماط تكوين العائلات بين متناهية الصغر ومتناهية الكبر، وبين هاتين الحالتين درجات.
- القدرة المالية، حيث لكل قدرة مالية ما يقابلها من الطلب - منحنى الطلب على المساكن ينتقل حسب المستويات الداخلية.
ولذا فإن توقع ''تنبؤ'' الحاجة المستقبلية يعتمد على اختيار المتغيرات أولا، وعلى الوزن المعطى لأهداف سياسات مختلفة ثانيا. وفي هذا النطاق، ينبغي على الحكومة ممثلة في وزارة الإسكان أن تنظر إلى تشكيلة من الأهداف الممكنة: تحسين الأداء الاقتصادي وتقليل التقلبات في سوق الإسكان وحماية البيئة واستقرار المجتمعات.
لنقل، بناء على المعطيات والمعلومات التي نعرفها الآن: إن هناك احتياجا لما لا يقل عن خمسة ملايين وحدة سكنية جديدة خلال الأعوام العشرين القادمة. والافتراض أن تحقيق الأمر الملكي يعني أن تعمل وزارة الإسكان على تحقيق ما لا يقل عن نصفها، أي نصف الخمسة.
ونفترض أن الوزارة تستهدف توفير مساكن تتراوح بين شقق، إلى مساكن مستقلة متلاصقة من جهتين، ولها ارتداد من الأمام ومن الخلف ''كما نراه في الدول الغربية''، إلى دوبلكسات بثلاث واجهات ''النمط الشائع في بلادنا''، إلى فلل. وفي كل نمط تفاوت في الأحجام، والمساحات.
هذا يعني احتياج وزارة الإسكان لأراض تتراوح مساحتها بين 500 و1000 مليون متر مربع، أي 500 إلى 1000 كيلومتر مربع.
لنفترض أن ثلثي الرغبات من الناس موجهة للتجمعات السكانية الكبرى: الرياض وجدة والدمام.
هذا يعني أن الوزارة بحاجة إلى نحو 200 كيلومتر مربع في مدينة الرياض لوحدها خلال السنوات العشرين القادمة.
كيف توفر هذه المساحة؟
الحل الأكثر مناسبة، كما أراه ويراه آخرون، بناء مدن جديدة أو ما يسمى أحيانا ضواح جديدة، على أراض حكومية خارج النطاق العمراني للمدن الكبيرة، ولكنها مجاورة لهذا النطاق. للرياض مثلا، تبعد تلك المدن أو الضواحي عن الدائري في حدود 40 - 60 كم.
في هذا جمع بين ثلاثة أهداف. فمن جهة، ينبغي ألا تعمل السياسات الإسكانية على تركيز السكان في تجمعات حضرية بعينها غالبا هي المدن الكبرى. في الوقت نفسه، يجب ألا نتجاهل شدة الرغبة في السكن في هذه المدن أو قربها لأسباب لا تخفى. ومن جهة ثالثة، تستغل الحكومة أراضيها القريبة من المدن الكبرى، لمصلحة المواطنين.
يجب تخطيط هذه المدن الجديدة تخطيطا نموذجيا، يتلافى ما نراه من عيوب في الأحياء القائمة. على سبيل المثال يجب توفير أرصفة مشاة آمنة في كل الشوارع. ويجب ربط هذه المدن بالنقل العام، بافتراض تحققه.
كيف تمنح الأراضي وتوزع المساكن في هذه المدن؟ موضوع خارج المقال. لكن من المهم جدا وضع قانون وسياسة في منح الأراضي و/أو بيعها بسعر منخفض عن سعر السوق تقوم على معايير موضوعية نزيهة في تقدير الاحتياجات، بحيث تتصف بصفات العدل والرسوخ ومراعاة الاحتياجات على المدى البعيد.
أما من جهة تكلفة بناء هذه المدن، فهي لا تقل عن تريليون ''ألف مليار'' ريال للمساكن فقط، أي لا يدخل فيها تكلفة البنية التحتية، ولا المباني غير السكنية من حكومية أو تجارية.
كيف سيؤمن صندوق التنمية العقارية هذا المبلغ كله أو جله؟ موضوع خارج نطاق المقال.
بناء هذه المدن سيعمل على خفض نسبة التضخم في العقار عموما والسكني خصوصا إلى قرابة الصفر. والعمل على استهداف معدلات منخفضة من التضخم له أولوية، خاصة مع توقع ارتفاع أسعار النفط ارتفاعا بينا على المدى البعيد. وبالله التوفيق.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي