الجنادرية .. استثمار سياحي مفقود

في قلب السعودية يقام المهرجان الوطني للتراث والثقافة ''الجنادرية'' كل عام، وكل عام تنفق الأموال الطائلة لتنظيم وإدارة هذا المهرجان الوطني الكبير. الجهة المسؤولة والمنظمة لم تكن يوما حريصة على تحقيق أرباح مادية من وراء إقامة المهرجان، بل كان الهدف الأسمى هو إثراء حياة الأجيال الحاضرة بخبرات ونمط حياة الأجداد، وهذا أمر محمود. الفرصة كبيرة أمام المهرجان ومنظميه ليكون موردا سياحيا استثماريا مهما في قلب المملكة ولشباب المملكة.
عندما أقيم المهرجان للمرة الأولى وقبل ما يقارب 30 عاما لم تكن الهيئة العامة للسياحة والآثار قد أنشئت بعد، ولكن في هذا الوقت أصبح من الضروري أن يدخل تنظيم هذا المهرجان ضمن تقاطعات كثير من الوزارات والهيئات العامة في المملكة حتى يصبح مورد استثمار مالي وبشري مهما لخدمة الأجيال.
التخطيط لإقامة مثل هذا الملتقى يجب ألا يغيب عن خريطة الفعاليات المهمة في المنطقة، ومن الضروري استثماره ليحقق العوائد المرجوة. ولهذا يجب العمل على تلافي العديد من المعوقات التي قد تؤثر في إنجاح مثل هذه الفعاليات حاليا أو مستقبلا.
أول هذه المعوقات فترة إقامة المهرجان التي لا تزيد على نصف شهر تقريبا. مهرجان بثقل مهرجان الجنادرية ومقدار الجهد الذي يبذل لإعداده وتنفيذه يجب أن يستمر لفترات أطول من الشهر حتى يحقق الفوائد المرجوة منه، من ناحية نقل الثقافة والترويح عن الزوار والإفادة الاقتصادية من وجود الوظائف الموسمية أو شبه الدائمة التي قد تلحق به. وإن كنت أفضل أن تبقى قرية الجنادرية للعمل طول فترات السنة.
ثاني المعوقات التي حتما تضر بالمهرجان، عدم تكامل الأدوار مع الجهات الأخرى التي يجب أن تقدم الدعم اللوجستي والتسويقي المصاحب لفعاليات المهرجان. وأولى هذه الجهات الهيئة العامة للسياحة والآثار ودورها في إيجاد البرامج المصاحبة وتوفير العروض السكنية الملائمة لزوار مهرجان وقرية الجنادرية من خلال إيجاد العروض الترويجية المصاحبة لذلك. وثانيها تواصل الخطوط السعودية كناقل وطني لتوفير الرحلات اللازمة وتنفيذ البرامج السياحية المصاحبة لهذه الفترة. ولكن للأسف تبقى الخطوط السعودية هي حجر عثرة في طريق أي برامج سياحية أو موسمية تقام في أي من مدن المملكة صيفا أو شتاء.
ثالث المعوقات وأهمها هو ما يصاحب هذا المهرجان من حملات النقد غير المبرر لبعض الممارسات التي قد تحدث في الجنادرية، وحتما يحدث أكثر منها خارج الجنادرية دون ملاحظة. ومن هذه الممارسات قصر الزيارة على العائلات وحرمان قطاع كبير من الشباب من التمتع بزيارة هذه المنطقة أو الاطلاع عليها. وهذا حتما يعود لغياب القانون الذي تحدثنا عنه كثيرا والذي يحفظ لكل مواطن حقه، فحرمان الشباب من زيارة هذه الأماكن بداعي الحد من ممارسات التعدي على حقوق الغير أمر غير مقبول في مجتمع إسلامي محافظ.
ختاما.. الأفكار كثيرة ولكن نتطلع جميعا لنرى الجنادرية مهرجانا وكرنفالا ثقافيا وسياحيا واستثماريا يخلو من أي منغصات ويستفيد منه الجميع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي