رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


«سابك» والموقف من النساء!

لو كانت لدينا في المملكة جمعيات قانونية تهتم بحقوق النساء لكانت شركة سابك العملاقة أولى الجهات التي ستتم مقاضاتها والترافع ضدها بسبب رفضها المحير توظيف النساء السعوديات، واقتصار جميع أعمالها محليا على الذكور فقط، وهو أمر قد يكون مقبولا في سنوات مضت حين كانت النساء يحاصرن ويمنعن من العمل والخروج والمشاركة في مناشط الحياة الاجتماعية والسياسية، بفعل موجات التشدد الديني وتدني الوعي الاجتماعي وضعف التأهيل العلمي. لكنه اليوم لم يعد مقبولا في عصر الانفتاح والتنافس، واستثمار الموارد البشرية، وتوافر الطاقات النسائية المؤهلة، ومحفزات تشريعية، وتوصيات متكررة بإتاحة فرص العمل للمرأة للحد من أزمة ''البطالة'' النسائية التي تجاوزت نسبتها 40 في المائة في أوساط الخريجات الجامعيات المؤهلات، وتجاوز أعداد الباحثات عن عمل المسجلات في برنامج ''حافز'' 400 ألف فتاة جامعية وفق آخر إحصائيات ''المرصد الوطني للقوى العاملة''.
تمارس الشركة العملاقة تناقضات محيرة، ففي الوقت الذي ترفض فيه توظيف بنات الوطن لا تتوقف عن بث مزيد من الإعلانات لتوظيف ''غير السعوديات'' في مكاتبها في الخارج وكأنها تترجم بامتياز تناقضاتنا الاجتماعية تجاه المرأة حين نحترمها في الخارج ونؤمن بقدراتها ونمنحها الفرصة، لكننا في الداخل نهمشها ونتجاهل وجودها ونستخف بقدراتها!
''سابك'' التي يتجاوز رأسمالها 30 مليار ريال وتصنف اليوم كأكبر شركة ''بترو كيماويات ''في العالم، وتوشك أن تحتفل بـ40 عاما على تأسيسها، أصبحت تتمدد شرقا وغربا وتفتح مكاتبها المحلية والعالمية بين الجبيل، الدمام، الرياض، جدة، دبي، بكين، القاهرة، ولندن، وتكشف أحدث إحصائياتها عن 33 ألف موظف في مختلف فروعها دون أن تكون بينهم فتاة سعودية واحدة، وهو أمر في غاية الغرابة وليس له ما يبرره على الإطلاق.
تجاهلت ''سابك'' كل الدعوات خلال السنوات العشر الماضية، وأهمها قرار مجلس الوزراء رقم 120 وتاريخ 12/4/1425هـ، الذي نص على توسيع فرص عمل المرأة وفق الضوابط الشرعية، وإلزام كل الجهات الحكومية والأهلية بافتتاح أقسام ومكاتب نسائية، وتسابقت معظم الجهات الحكومية والأهلية لتنفيذه ووصلت معه المرأة إلى مقاعد مجلس الشورى.
كما تجاهلت ''سابك'' كل الدعوات الاجتماعية والنقاشات الإعلامية والحوارات الوطنية، حول توظيف النساء رغم مشاركتها في معظم هذه الفعاليات، ومضت في خططها التوسعية والتشغيلية، واستقطاب مئات الكوادر من الذكور فقط دون اعتبار لوجود السعوديات، .
ولا تملك ''سابك ''مبررات مقنعة لهذا التجاهل، فندرة الكفاءات المؤهلة لم يعد موجودا في ظل مخرجات الابتعاث الرائدة التي تفوق احتياجات ''سابك'' من التخصصات المهنية والإدارية، والعوائق الاجتماعية تلاشت في ظل انفتاح اجتماعي وتطور ذهني وشرائح متعطشة للمشاركة وإثبات الوجود.
والكل يعرف أيضا أن لدى ''سابك'' مئات الوظائف التي تتناسب مع طبيعة عمل المرأة مثل وظائف تقنية المعلومات، التسويق، العلاقات العامة، الوظائف الإدارية، وغيرها.
وليت ''سابك'' تستفيد من تجربة جارتها الكبرى ''أرامكو'' التي قدمت نموذجا رائدا في توظيف آلاف النساء وتدريبهن للعمل في معظم أقسامها دون تحفظ، وهو أمر أحدث فارقا إيجابيا، وتحقق من خلاله نمو ذاتي ومهني لمعظم الملتحقات، بفضل دعم ''أرامكو'' وبعد نظر قيادييها وإيمانهم العميق بقدرات بنات الوطن حتى بات من المألوف لنا مشاهدة السعوديات ضمن المناصب التنفيذية والقيادية في ''أرامكو''.
''سابك'' اليوم في موقع المساءلة، وعليها أن تفتح أبوابها للسعوديات في كل مناطق المملكة وفي مكاتبها في الخارج، وأن تسهم في تدريبهن وتوظيفهن أسوة بغيرها من الشركات الوطنية القادرة وفق خطة استراتيجية معلنة للجميع، فهذه توجهات الدولة المعلنة، وواجب على الجميع المشاركة فيها دون مماطلة أو منّة من أحد، ولا يليق أن يظل القرار رهينا لمزاج مسؤول متردد، أو غير راغب .. وإلا ماذا نريد من شركة وطنية لا تهتم ببنات الوطن؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي