رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


في الشرقية.. جامعات «نائمة»!

رغم ما تتميز به المنطقة الشرقية من حركة تنموية نشطة في مجالات متعددة، اقتصادية، وإدارية، واجتماعية، وانفراد عدد من مؤسساتها الأهلية والحكومية بقيادة مبادرات متميزة على مستوى المملكة، إلا أن ذلك كان بمعزل عن النشاط الفاعل والمؤثر لجامعات المنطقة حتى بدا الأمر وكأن المنطقة بلا جامعات.
''فالشرقية ''التي تحتضن جامعات الملك فهد، والملك فيصل وجامعة الدمام وجامعة الأمير محمد بن فهد الأهلية، تشهد ركودا جامعيا كبيرا مقارنة بإسهامات الجامعات في المناطق الأخرى.
فالمتعارف عليه أن الجامعات تشكل مؤثرا رئيسا في المجتمعات المحيط بها بما تضمه من كفاءات قادرة على الإبداع، وإحداث التغيير، والتطوير المستمر، وقيادة المبادرات التنموية الرائدة، ورفع الوعي الاجتماعي وتنشيط الحركة الاقتصادية، وسياحة المؤتمرات، وحركة النشر العلمي وغيرها، وهذا ما افتقدناه في جامعات ''الشرقية'' إلى الحد الذي وصفت معه بأنها ''جامعات نائمة''.
ولو قارنا بين دور الجامعات في المنطقة الشرقية وجامعات منطقة الرياض على سبيل المثال لوجدنا فارقا كبيرا، فلا تكاد تخلو العاصمة على مدار السنة من ملتقى علمي أو ثقافي أو محاضرات، وندوات جماهيرية وغيرها من أوجه الحراك الفكري الذي تقوده جامعات العاصمة النشطة بقيادة جامعات الملك سعود، وجامعة الإمام، وجامعة نورة، وجامعة نايف للعلوم الأمنية.
فضلا عن التفاعل المتزايد لجامعات العاصمة مع مجتمعها، ومن ذلك برامج الشراكات المجتمعية للكراسي العلمية في جامعات الملك سعود بمساهمة أكثر من 100 شركة، وما أسهمت به من فرص وظيفية، ونتاج علمي مبهر، وبرامج التعليم الموازي لطلبة الدراسات العليا، التي أتاحتها جامعات العاصمة في الفترة المسائية واستقطبت ما يزيد على 150 ألف طالب وباحث جعل من جامعات العاصمة مدنا تضج بالحياة من السابعة صباحا حتى العاشرة ليلا، في حين لا تزال جامعات الشرقية تغلق أبوابها في وجه الراغبين في مثل هذه البرامج، كما أن التحديث والتطوير واستحداث برامج جديدة بات من سمات جامعات العاصمة في سنواتها الأربع الماضية، وهو أمر لم يتحقق لجامعات الشرقية التي تغير كل شيء حولها ولم تتغير برامجها منذ 22 عاما باستثناء مبادرات ''خجولة'' لجامعة الملك فهد التي تتعامل مع ما حولها وفق مفاهيم ''ارستقراطية'' لا تتناسب مع حركة الزمن اليوم.
ولعل هذه المقارنة البسيطة تكشف لنا مدى الركود الذي بات ''يروق'' لجامعات الشرقية، لكنه يحظى بتذمر اجتماعي متصاعد وتساؤلات متعددة عن أسبابه: هل هو تراخي القيادات الأكاديمية في تفعيل دورها ومسؤوليتهم تجاه مجتمعهم، خاصة أن منهم من أمضى سنوات طويلة وجُدّد له أكثر من مرة دون تقديم ما يذكر؟ أم ضعف المخصصات المالية مقارنة بغيرها من الجامعات؟ أم غياب الآليات والرؤية التي تحدد علاقة الجامعات بالمجتمع وتفعيلها على أرض الواقع بالشراكة مع الهيئات والمؤسسات الاجتماعية في المنطقة؟
إن مجتمع المنطقة الشرقية بحكم معرفتي الوثيقة به متعطش للمبادرات العلمية، وجاد في التفاعل مع مؤثرات التطوير والإبداع متى ما صدرت عن جهات مرموقة كالجامعات، فضلا عن وجود مؤسسات عملاقة يشكل وجودها نجاحا كبيرا للمبادرات المتميزة مثل شركتي أرامكو وسابك والهيئة الملكية في الجبيل، وعشرات الشركات والمؤسسات الصناعية الأخرى.
إن جامعات الشرقية في حاجة ماسة إلى الخروج من عزلتها وأسوارها الأكاديمية الرتيبة وأدائها التقليدي؛ لتعيش وتتفاعل مع ما حولها وتهيئ لنفسها موضع قدم في زمن العولمة والمتغيرات المتسارعة، وإلا ستتحول إلى مبان مهجورة في ظل تنافس محلي وعربي وعالمي لصناعة جامعات فاعلة وتعليم منافس.
وعلى قيادات جامعات الشرقية ومجتمعها الأكاديمي أن يستشعروا مسؤوليتهم وقد هيأت لهم الدولة كل الفرص للنجاح، ولا عذر لهم في استمرار هذا الأداء الراكد والسلبي، لماذا لا يقارنون جامعاتهم بجامعات الرياض التي أصبحت ملاذا لطلاب وباحثي المنطقة الشرقية؟ ولماذا لا يذهبون إلى جامعات الإمارات، مصر، الأردن، قطر، ماليزيا، بريطانيا، وغيرها ليشاهدوا كيف أصبح التعليم العالي صناعة اقتصادية تقوم على المنافسة والاستقطاب والتفاعل والمشاركة والمبادرة؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي