رسالة الخطأ

  • لم يتم إنشاء الملف.
  • لم يتم إنشاء الملف.


مجلس الغرف وربط أصحاب المال بالمبادرات الناجحة

أكثر من شاب سعودي مبادر في مجالات الأعمال المتعددة بادر في تكوين تجربة تجارية أو صناعية ناجحة بجهده ووقته وحسابه الخاص بل إن البعض منهم اقترض لتحقيق النجاح، وأكاد أجزم أن معظمهم ما زال يطور ويوسع مبادرته ببطء شديد لغياب التمويل وضعف فهم هؤلاء الشباب إمكانية تطوير وتوسيع مبادراتهم الناجحة من خلال التعاون مع مكاتب استشارية مالية محترفة ومع أصحاب الأموال هذا من جهة، ومن جهة أخرى لغياب فكر اغتنام الفرص عند كثير من أصحاب الأموال القادرين على استقطاب هؤلاء الشباب من أصحاب المبادرات الناجحة والدخول معهم في شراكة لتمويلها وتوسيعها وفق القواعد المالية الذكية وتحقيق الفائدة للطرفين والاقتصاد الوطني بالمحصلة.
مطاعم ماكدونالدز التابعة لشركة ماكدونالدز المدرجة في بورصة نيويورك عام 1965 التي تستقطب اليوم أكثر من 52 مليون شخص في أكثر من ٣٠ ألف فرع في 120 دولة في العالم ما كانت لتكون هكذا لولا أن استثمر رجل الأعمال راي كروك نجاح الأخوين ريتشارد وموريس ''ماكدونالدز'' تأسيس وتشغيل ''ماكدونالدز'' كمطعم صغير في أحد شوارع ولاية كاليفورنيا الأمريكية تميز بالخدمة السريعة ونظافة المكان وتعلق الناس به، حيث خطرت في باله فكرة التوسع في أعمال هذا المطعم في أرجاء الولايات المتحدة فدخل معهم كشريك بعد أن حصل على حق حصري لتسويق الاسم ''ماكدونالدز'' لاستثماره، حيث تمكن وخلال سنة واحدة تقريبا من افتتاح 100 فرع، وفي عام 1975 وصلت المبيعات إلى ثلاثة مليارات دولار أمريكي حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن، وبكل تأكيد لولا تدخل هذا المستثمر الذكي لبقي المطعم مزوياً كغيره من المطاعم الصغيرة في الحي الذي تأسس فيه.
وإذا كان هذا مثالا لنموذج غربي لاستثمار أصحاب المال والفكر الاستثماري التوسعي لنجاحات رواد الأعمال فلدينا أمثلة سعودية ولكنها نادرة، ولدي علم ببعضها ولكن كما يبدو لي هناك توجه لإخفاء أو عدم إعلان مثل تلك النجاحات لأسباب لا أعلمها، وبالتالي فالواقع يقول لدينا فرصة كبيرة لاستثمار نجاحات رواد الأعمال ضعيفي القدرات الائتمانية وقليلي الخبرة في توسيع وتطوير الأعمال من قبل رجال الأعمال أصحاب الأموال والقدرات الائتمانية الكبرى وتوسيع مبادراتهم الناجحة وتحويلها لرموز من رموز الاستثمار الوطني الذي يمكن أن يشكل رافداً ودعامة من دعامات اقتصادنا الوطني بالاستفادة المثلى من موارد بلادنا كافة بما في ذلك الموارد البشرية الشابة الطموحة، خصوصا إذا أخذ في الاعتبار تحقيق مبدأ الاستدامة لهذه المشاريع بعيداً عن تأثيرات قطاع النفط وتقلباته، بمعنى أن تكون تلك المشاريع رافداً اقتصادياً في إطار سياسة الدولة لتنويع مصادر الدخل.
في الولايات المتحدة يؤمنون بأن الشركات الوطنية الكبرى تبدأ كمبادرات أعمال صغرى تتطور وتتوسع بالتحالفات بين أصحاب المال وأصحاب المبادرات الناجحة والمميزة والمتفردة، ولذلك طوروا حاضنات الأعمال ليتمكن أصحاب المبادرات من تطوير مبادرات أعمال ناجحة وكأن العملية أصبحت عملية استزراع مبادرات ناجحة ومميزة ومن ثم اغتنامها، وكلنا يعلم أن معظم رموز الاقتصاد الأمريكي كان مبادرات فردية طموحة وجدت البيئة الداعمة والتمويل والتطوير، ومن ثم التوسع حتى أصبحت رموزا من أيقونات الاقتصاد الأمريكي العملاق.
نشتكي من ضيق القنوات الاستثمارية الأمر الذي يدفع بالسيولة الهائلة التي تصلنا من عائدات النفط المرتفعة إلى القناة الكبرى وهي العقار ما دفع الأسعار إلى أعلى بشكل حاد لتتولد لدينا مشكلة إسكانية جلها ينحصر في أسعار الأراضي التي ارتفعت بفعل المضاربات، ولكون أنها مستودع الثروة الأمثل وبالتالي نحتاج إلى إعادة هيكلة الاقتصاد لفتح قنوات استثمارية عملاقة تحقق هدفين أساسيين: الأول، استيعاب السيولة الهائلة في أكثر من قطاع ليخفف من آثارها التضخمية في قطاع العقار، والآخر، تطوير شركات عملاقة في كافة القطاعات الأخرى تحقق التنوع الاقتصادي المستدام وتولد الفرص الوظيفية الهائلة لمعالجة مشكلة البطالة.
بطبيعة الحال إعادة الهيكلة الاقتصادية تتطلب إيجاد آلية بسيطة وغير معقدة عملية وفعالة تتناسب وأوضاعنا وثقافة الشباب السعودي ومهاراتهم والإمكانيات المتاحة في البلاد هذا من جهة، وكذلك ثقافة المستثمر السعودي من جهة أخرى، وبطبيعة الحال هذا يتطلب تدخلا من الغرف التجارية والصناعية أو من يمثلهم جميعاً وهو مجلس الغرف التجارية والصناعية وبأسرع وقت خصوصاً أن لدينا بنية تحتية جيدة في مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية وفي كثير من الجامعات التي انتشرت في جميع أنحاء البلاد وكذلك لدينا رجال أعمال لديهم أبعاد تنموية وطنية إذا وجدوا آلية سليمة وفاعلة، ولا أدل على ذلك من دعمهم مشاريع جامعة الملك سعود الوقفية وبعض برامجها العلمية وكراسيها العملية والبحثية.
''ماكدونالدز'' و''باسكن روبنز'' أثبتا أنه لا عمل صغيرا حتى إن كان بيع سندوتشات الهمبرجر أو الآيس كريم، حيث أثبتا أنها تجارة مليارات وتجارة دولية تتخطى الحدود متى ما تمت هيكلتها بشكل صحيح وعلى أسس مالية عالية الدقة والمهارة والمهنية ونحن ـــ ولله الحمد ـــ ننعم بفوائض سيولة مالية أصحب عبئاً على سوقنا العقارية، وحان الوقت لاستثمارها لمصلحة اقتصادنا قبل فوات الأوان.
ختاماً: أقترح تشكيل لجنة مالية فنية في مجلس الغرف تنبثق عنها لجنة فرعية مماثلة في كل غرفة تجارية صناعية في جميع أنحاء المملكة مهمتها ربط أصحاب المبادرات الناجحة بأصحاب الأموال لتحقيق التزاوج المثمر يكون من أهدافها تطوير عشر شركات سنوياً من خلال عقد تحالفات برعايتها لتطوير وتوسيع مبادرات الأعمال الناجحة لتكون أيقونات اقتصادية سعودية مستدامة في المجالات كافة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي