رسالة الخطأ

لم يتم إنشاء الملف.


الاتصالات السعودية ورحلة حوكمة غير ناجحة

استقال الرئيس التنفيذي وأرسل رسالة متضمنة أن هناك إشكالية في الإدارة والعلاقة مع مجلس الإدارة. قبل ذلك بقليل تم تعيين رئيس مجلس إدارة جديد في ظل مجلس إدارة قديم لم يُعرف عنه أي دور في عملية تغيير إداري يرتقي للتحدي. وبهذا وصلنا إلى تناقض استحقاقات الإدارة الفاعلة في سوق يتطلب مرونة قطاع خاص، مع ملكية ونظام إداري حكومي يقبل بالتنازلات على أكثر من مستوى، ثم يتوقع أن تكون النتيجة في مجملها أفضل من محصلة تنازلات قاتلة. وهكذا وصلت شركة الاتصالات إلى اختيار طريق غير معروف والكل يتفرج. بدأت الرحلة بوجود خالد الملحم الذي كانت له محاولة جادة لهيكلة الشركة ولكنه سرعان ما اصطدم بمعوقات هي أبعد ما تكون عن قطاع تنافسي متحرك، سرعان ما استهلكت الشركة ذلك الجهد، إلى أن أتى إدارة ومجلس إدارة أقل فاعلية، وزاد عليها تحسرا على ما فات في التوسع الإقليمي والدولي، ولذلك كان هناك هجمة استثمارية في الوقت الخطأ بأسعار غير مدروسة ومصروفات يصعب فهم بعضها، ومما زاد الطين بلة استعداد إدارة تلك المرحلة إلى التوظيف دون حساب في التأهيل أو حتى استحقاقات الفاعلية.
النتيجة الفعلية أن الشركة انتهت بنموذج حكومي غير قادر على مواكبة المتغيرات في المنافسة وحقيقة أن اقتصاديات الصوت وحدها لم تعد كافية في ظل تكلفة باهظة وترهل إداري وإهمال وابتعاد مجلس الإدارة عن استحقاقات المسؤولية، فأغلب الأعضاء أفراد أو ممثلون لمؤسسات ما زالوا يمارسون أدوارهم نظرياً بعيداً عن أدوارهم في حوكمة الشركة وقيادة التغيير. لا أعرف خالد الغنيم ولكنه شخص مؤهل علمياً، حيث تخرج في واحدة من أفضل الجامعات في مجال علوم الحاسب ويشهد له من يعرفه بالذكاء. بينما أتى رئيس مجلس الإدارة الجديد في ظل عدم وضوح المسافة الكافية بين رئيس المجلس والإدارة، والحاجة إلى الإصلاح في ظل شكوك متواصلة، ومجلس إدارة ليس قويا في معرفته أو استعداده بالوقت أو الجهد وطاقم إداري أقل من المطلوب في غالبه، على الرغم من وجود بعض العناصر الطيبة. يصعب أن ترصد رحلة الشركة في العقد الماضي، ولا تلوم عدم كفاءة مجلس الإدارة. الأعمال بطبعها تراكمية، ولكننا نتسامح مع من قصر، وكأنه يقول على لسان حاله: في وقتي كانت الشركة في وضع أحسن. ومثل هذا القول لا يعكس الحقيقة ويسمح بفضاء للتهرب من المسؤولية المهنية والأخلاقية.

ما الحل؟
في ظل تقاعس الكثير عن أدوارهم تصبح الحلول كلها مرة. في نظري هناك ثلاث خطوات للحل. فلا يمكن لأعضاء المجلس مواصلة أدوارهم حتى لو كانوا يمثلون قطاعات حكومية تملك في الشركة، فهم ممثلون فقط، ولكنهم غير فاعلين إدارياً، كما أن دور أعضاء مجلس القطاع الخاص المفترض ليس أفضل. هناك حل من أربع خطوات متزامنة. الجزء الأول أن يتحرك صندوق الاستثمارات العامة كأكبر مالك ويمارس دوره الحقيقي في الحرص على تنمية العائد في المدى البعيد ويبدأ في البحث عن أعضاء مجلس إدارة قادرين على هذا المعيار فقط. الثاني تنازل الحكومة (مقابل مسؤوليتها المهنية في تعيين من هو غير مؤهل) عن أرباح سنتين. وتوزيع حقها من الأرباح بمعدل 600 إلى 700 ألف ريال لكل موظف (نحو 2000 إلى 3000 موظف) غير مؤهل أو ليس له حاجة للتخلص منهم في أسرع وقت لكي تستطيع الشركة أن تكون في وضع تنافسي، والتوقف عن توظيف غير المؤهلين. الخطوة الثالثة قبول مساحة جيدة بين رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي وذلك بغرض وضوح المسألة أو الاستغناء عن الرئيس التنفيذي، على أن يقوم رئيس المجلس بهذا الدور. المرحلة الأخيرة ملاحقة المقصرين السابقين الذين يثبت أنهم قد استفادوا بشكل غير مشروع من أي نوع، حتى يعرف الجميع العواقب.
أعطت الاتصالات التخصيص انطباعا سلبيا بسبب عدم كفاءة مجلس الإدارة وتقاعس صندوق الاستثمارات العامة عن أدوارهما الحقيقية. يأتي هذا العجز في الكفاءة في ظل نمو القطاع وتزايد الربحية (تخيل لو أن القطاع في تآكل وضغط تجاري)، وكذلك إلحاق الضرر بسمعة الحكومة والمطلوب منها في رفع وتنفيذ مشروع التخصيص. حان الوقت لصندوق الاستثمارات للقيام بمسؤوليته الفعلية، إلا إذا كان هو مصدر الإشكالية بصفته المالك الرئيس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي