تصريح لكل مناسبة

شخصيات عادية وغير عادية، تراهم في كل وقت يطلقون تصريحات إنشائية، لا يمكنك أن تخرج منها برؤية. هم ركيزة مهمة، لا يمكن اكتمال الطبخة الإعلامية دون وجودهم، إذ لا يمكن لسواهم أن يشغل المساحات في التلفزيون والإذاعة والصحف. يقولون كلاما مكرورا على غرار العبارة الشهيرة " شعوري شعور أي مواطن". ومع ذلك يتم إعادة تقديمهم، وتواصل الأمهات والآباء إنجاب مزيد من الأجيال الذين يكملون المسيرة - مسيرة الكلام الإنشائي، الذي تتلقفه وسائل الإعلام وتفرد له المساحات والصفحات.
هؤلاء هم الوجه الموازن للجيل الغاضب الذي لا يعجبه أي شيء، ولا ترضيه أي خطوة إيجابية، هو فقط مبرمج كظاهرة لا يصدر منها إلا الانتقادات السلبية. وإذا قدر الله لك وسألته: ألا ترى شيئا إيجابيا؟ رد عليك بصفاقة: أنا أركز حديثي على السلبيات كي تختفي.
الخطاب الإنشائي السمج، يرافقه امتهان للمعلومة وللرقم. نحن مثلا نعيش هذه الأيام مناسبة الحديث عن العمالة المخالفة والحملات التي تتجه إليها. التحدي الكبير الذي عليك أن تخوضه هو أن تصل إلى رقم موحد لهؤلاء المخالفين. هناك من يقول مليون، وهناك من قال إنهم يتجاوزون الملايين الخمسة. بالضبط كما قالوا في فترة سابقة، ويبدو أن هذا ترويج يقف وراءه مكاتب سفر وسياحة محلية، إن مليون سعودي زاروا دبي خلال فترة الأعياد، ثم اتضح أن زوار دبي القادمين من السعودية طيلة العام لا يصلون إلى مليون.
الحقيقة أن الإنشائية، وتوظيف المعلومة الخاطئة، وحتى تلوين التقارير الإنشائية بأرقام لا تتغير على غرار: مليون أو مليوني طالب وطالبة يباشرون الدراسة اليوم...إلخ، كل هذه الأمور، تجعل من المهم المطالبة بشفافية معلوماتية ورقمية تجعل الحديث يأتي مدعوما بالحقائق، لا مجرد كلام هلامي، المقصود من خلاله إيصال رسالة إيجابية، لكنه في الحقيقة مجرد كلام للريح لأن قائله يدرك قبل سواه أن ما يقوله هو مجرد كلام للإعلام.
والمصيبة أن التلوين بدأ يتم تطويعه لتغيير الرأي العام، تخيل ردة فعلك عندما يقول لك أحد التقارير إن 90 في المائة من العاملين في المدارس الأهلية هي عمالة مخالفة. والمزعج أنك عندما تحاول أن تثبت أو تنفي هذه المعلومة تشعر أن كل مسؤول تتصل به لسان حاله يقول: ما المسؤول بأعلم من السائل!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي